×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 فَأَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الشِّرْكَ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَغْفِرُ مَا دُونَهُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي حَقِّ التَّائِبِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الشِّرْكِ وَغَيْرِهِ.

****

الشرح

قوله: «ورَحمته له لا تُنقِص مِن مُلكه شيئًا» أَي: مَع فِعل الأسبابِ، فإذا أردتَ الرحمةَ مِن اللهِ فاعملْ أسبابَها التِي أمرَك بها، وبدونِ فعلِ السببِ لن تَحصُل على الرحمةِ، قالَ اللهُ تبارك وتعالى : {إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} [الأعراف: 56] ، ما قالَ: قَريب مِن جَميع الناسِ، والإحسانُ هو أعلَى درجاتِ الدِّين.

وقَوله: «فالمَغفرة لا تُنقِصه شيئًا، والعُقوبة لا تَزِيد في مُلكه شيئًا»، وهذا حقٌّ يُرَاد به باطلٌ، يَقولون ذلك لإلغاءِ الأسبابِ والأعمالِ الصالِحة، وعَدم الاكتراثِ بالأعمالِ السيِّئة، ويَرون أنها لا تَضُرّ فَاعلها، وكُل ذلكَ يَرجِع لمَذهب الإرجاءِ.

ومِنهم مَن يَحتجّ بفَهمه الخَاطئ لقولِ الله جل وعلا : { وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ} [الضُّحَى: 5] ، ويَقول: هذا خطابٌ لرَسوله صلى الله عليه وسلم ، والرسُول لا يَرضى أن يَدخُل أحدٌ مِن أمَّته النارَ!

سُبحان اللهِ! الرسُول صلى الله عليه وسلم نَهانا عَن المَعاصي، ونَهانا عَن السيِّئات، وقالَ لنا: «خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ مَادَامَ وَإِنْ قَلَّ»، ولو كانَ أن الرسولَ يَكفينا، وأنه لن يدخلَ أحدٌ مِن أمَّته النارَ لأنه لا يَرضى بذلك، فلسنا بحاجةٍ إلى الأعمالِ، وما أَمَرَنَا بالأعمالِ الصالحاتِ وتركِ الذنوبِ والمَعاصي، ولقالَ: أنا أَكْفِيكم ما عَلَيْكم.


الشرح