×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 لا شكَّ أن العُقوبة في الآخرةِ أشدُّ على الذِي عِنده شِركٌ أو كفرٌ أو نِفاقٌ، أو عِنده ظلمٌ للناسِ ونَحو ذلك، فإذا كَانت تُقطَع يدُه في الدنيَا بجَريمةٍ صغيرةٍ في أَعيُن الناسِ، فكيفَ بغَيرها مِن الذنوبِ؟! ولهذا لما اعترضَ المعرِّي المُلحِد فقال:

يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينَ عَسْجَدٍ فُدِيَتْ

 

مَا بَالَهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارٍ

يعني: أن دِيَتها نِصفُ الدِّيَة - خمسمائة دينارٍ من الذهبِ - لو اعتُدِيَ عليها، فكَيف تُقطَع في ثلاثةِ دراهمَ؟ وهي: رُبع دينارٍ كما في الحَديث.

فأجابَه علماءُ السنةِ، وقَالوا:

عِزُّ الأَمَانَةِ أَغْلاَهَا وَأَرْخَصُهَا

 

ذُلُّ الخِيَانَةِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ البَارِي

لما كَانت اليدُ أمينةً كانتْ ثمينةً، ولما خانتْ هانتْ، فالإنسانُ يَهون عندَ اللهِ بالذنوبِ والمَعاصي، ويَعظُم عندَ اللهِ بالطاعاتِ.

قوله: «وَجَلَدَ الْحَدَّ فِي مِثْلِ رَأْسِ الإِْبْرَةِ مِنَ الْخَمْرِ» كذلك الإنسانُ يُجلَد ثمانينَ جَلدةً إذا شربَ جرعةً واحدةً مِن الخَمر، فكيفَ يأمَن من عَذاب الآخرةِ الذِي هو أشدُّ؟!

وقوله: «وَقَدْ دَخَلَتِ الْمَرْأَةُ النَّارَ فِي هِرَّةٍ» مع أن الهِرة عندَ الناسِ ليس لها قيمةٌ ولا حُرمَة، حَبستها ومَنعت عَنها الطعامَ والشرابَ حَتى ماتتْ، فدخلَت النارَ، بينما دخلتِ امْرأةٌ بَغِيٌّ الجنةَ في كلبٍ وجدَتْهُ يَلهث من شِدة العَطَش فسَقته، وهو كلبٌ ليس عندَ الناسِ بشيءٍ، فغفرَ اللهُ لها جُرمَها العَظيم - وهو الزِّنَا - ودخلتِ الجنةَ.

فلا يُتهاوَن بالأعمالِ بالحسناتِ ويُقال: هذه سهلةٌ ولا تُساوي شيئاً، ولا يُتهاوَن بالسيئاتِ ويُقال: هذه ليستْ بشيءٍ.


الشرح