وَقَالَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا
مُعَاوِيَةُ حَدَّثَنَا الأَْعْمَشُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ
طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ يَرْفَعُهُ قَالَ: «دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ،
وَدَخَلَ رَجُلٌ النَّارَ فِي ذُبَابٍ»، قَالُوا: وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ؟ قَالَ: «مَرَّ رَجُلاَنِ عَلَى قَوْمٍ لَهُمْ صَنَمٌ لاَ يَجُوزُهُ
أَحَدٌ حَتَّى يُقَرِّبَ لَهُ شَيْئًا، فَقَالُوا لأَِحَدِهِمَا: قَرِّبْ، فَقَالَ
لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ، قَالُوا قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا، فقرب ذبابًا، فَخَلَّوْا
سَبِيلَهُ، فَدَخَلَ النَّارَ، وَقَالُوا لِلآْخَرِ: قَرِّبْ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ
لأُِقَرِّبَ لأَِحَدٍ شَيْئًا مِنْ دُونِ اللَّهِ عز وجل ، فَضَرَبُوا عُنُقَهُ،
فَدَخَلَ الْجَنَّةَ» ([1]).
وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ
الْوَاحِدَةُ يَتَكَلَّمُ بِهَا الْعَبْدُ يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ
مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.
****
الشرح
قوله: «دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ» يعني: بسَبب ذُباب، «وَدَخَلَ رَجُلٌ النَّارَ فِي ذُبَابٍ» يعني: بسَبب ذُباب، فالذِي دخلَ الجنةَ لما طلبُوا منه أن يذبحَ للصَّنَم أَبَى، قالوا له: «قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا»، قال: «مَا كُنْتُ لأُِقَرِّبَ لأَِحَدٍ شَيْئًا مِنْ دُونِ اللَّهِ »، فدخلَ الجنةَ، أما الثاني فتساهلَ، وقالَ: الذبابُ سهلٌ، فقرَّبَه للصنمِ، فدخلَ النارَ؛ لأن هذا شِرك، والشركُ لا يُغفَر منه شَيء حتى يتوبَ منه صَاحبه، قالَ اللهُ جل وعلا : { إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ} [النساء: 48] ، ولو كانَ قليلاً، فكانَ الذُّباب شيئًا سهلاً في نَظره، ومع هذا كانَ جَزاؤُه النارَ والعِياذ باللهِ، ولو امتنعَ من تقديمِه قُربانًا لغيرِ اللهِ لدخلَ الجنةَ، فكيفَ بالذِي يَذبحُ المِئات من الغَنَم والأنعامِ للقُبور والأصنامِ والعِياذُ باللهِ؟!
([1])أخرجه: أحمد في الزهد رقم (84).