كمن يتصدَّق ويَمُنّ في
صَدقته: { لَا
تُبۡطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِٱلۡمَنِّ وَٱلۡأَذَىٰ} [البقرة: 264] ، يعني: يُعطِي الفَقير أو السائلَ أو
المُحتاج ثم يتمنَّن عليه، أو يُؤذِيه ويتطاولُ عليه ويَحتقره، وهذا مِن مُبطلات
الأعمالِ، أو أن يَمُنّ بعملِه على اللهِ، ويُزكِّي نفسَه ويَرى أنه رجلٌ صالحٌ،
فهذا أيضاً يُبطِل العملَ.
كذلك مِمَّا يُبطِل العملَ
أو يذهبُ بثَوابه لا يبطلُه: الظُّلْم، إذا ظلمتَ الناسَ في أموالِهم أو في
أعراضِهم أو في أنفسِهم فإنهم يَقتصُّون يَوم القِيامة من أعمالِك الصالحَة،
فيَأخذون ثوابَها مُقابلَ مَظالمِهم؛ فأنت تَتْعَب والثوابُ لغيرِك.
ومِن ذلكَ أيضًا: الغِيبَة
والنَّمِيمَة التِي يَتساهلُ الناسُ فيها، فيقتصُّ من المُغْتَاب يومَ القِيامة،
وكذلكَ الحَسَد، «فَإِنَّ الحَسَدَ
يَأْكُلُ الحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الحَطَبَ» ([1])، وكَون
الإنسانِ يحسدُ الناسَ على ما آتَاهُم اللهُ مِن فَضله ويَتمنَّى زوالَ النّعمِ
عنهم، فهذا قد يُؤدِّي إلى ارتكابِ المَعاصي.
فالذِي منعَ اليهودَ من الإيمانِ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هو الحسدُ، {وَدَّ كَثِيرٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدٗا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ} [البقرة: 109] ، وهم يَعرفون أنه رسولُ اللهِ، فالحسدُ منعَهم من الإيمانِ وأبقَاهم على الكفرِ، والحسدُ حملَ ابنَ آدمَ على قتلِ أخِيه، وقبلَ ذلك الحسدُ حملَ إبليسَ على أن يتكبَّر على آدمَ، فطردَهُ اللهُ وأبعدَه.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4903).