×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِحُذَيْفَةَ: «أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ سَمَّانِي لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم »، يَعْنِي فِي الْمُنَافِقِينَ، فَيَقُولُ: لاَ، وَلاَ أُزَكِّي بَعْدَكَ أَحَدًا ([1]).

فَسَمِعْتُ شَيْخَنَا رحمه الله يَقُولُ: لَيْسَ مُرَادُهُ لاَ أُبْرِئُ غَيْرَكَ مِنَ النِّفَاقِ، بَلِ الْمُرَادُ: لاَ أَفْتَحُ عَلَى نَفْسِي هَذَا الْبَابَ، فَكُلُّ مَنْ سَأَلَنِي هَلْ سَمَّانِي لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُزَكِّيهِ.

قُلْتُ: وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِي سَأَلَهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ» ([2]) وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ عُكَاشَةَ وَحْدَهُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِمَّنْ عَدَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَكِنْ لَوْ دَعَا له لَقَامَ آخَرُ وَآخَرُ وَانْفَتَحَ الْبَابُ، وَرُبَّمَا قَامَ مَنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ، فَكَانَ الإِْمْسَاكُ أَوْلَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

****

الشرح

حُذَيفة بن اليَمَان رضي الله عنه صَاحب سِرِّ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، كان يُفضِي إليه بالأسرارِ ويُخبره عن المُنافقين.

وعمرُ بن الخَطَّاب رضي الله عنه ثَاني الخُلفاء الراشدِين، سألَ حُذَيْفَة: هَل عَدَّنِي رسولُ اللهِ مِن المُنافقين؟ خافَ على نَفسِه مِن النِّفَاق، وهو عُمَر الفَارُوق، صَاحِب الفَضْلِ والسَّبْقِ في الإسلامِ، فقالَ: «لاَ، وَلاَ أُزَكِّي بَعْدَكَ أَحَدًا»، قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه الله : ليسَ مَعناه أن حُذَيْفَة يتَّهم الصحابةَ كُلَّهم، وأنه لا يُزكِّي أحدًا منهم غَير عُمَر، ولكِن المَعنى أنه لن يُخبِر أحدًا غَيره بسِرّ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم .


الشرح

([1])أخرجه: ابن أبي شيبة في مصنفه رقم (37390).

([2])أخرجه: البخاري رقم (6542)، ومسلم رقم (216).