×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

وَقَرَأَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ لَيْلَةً سُورَةَ الْجَاثِيَةِ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الآْيَةِ: {أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّ‍َٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ} [الْجَاثِيَةِ: 21] جَعَلَ يُرَدِّدُهَا وَيَبْكِي حَتَّى أَصْبَحَ ([1]).

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَامِرُ بْنُ الْجَرَّاحِ: «وَدِدْتُ أَنِّي كَبْشٌ فَذَبَحَنِي أَهْلِي، وَأَكَلُوا لَحْمِي وَحَسُوا مَرَقِي» ([2]).

وَهَذَا بَابٌ يَطُولُ تَتَبُّعُهُ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: «بَابُ خَوْفِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يُحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلاَّ خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ. وَيُذْكَرُ عَنِ الْحَسَنِ: «مَا خَافَهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ أَمِنَهُ إِلاَّ مُنَافِقٌ» ([3]).

****

الشرح

وهذ عمرُ رضي الله عنه قالَ هذه المَقالة عِند المَوت، وخَوفه مِن اللهِ عز وجل ، مع ما له من الفضلِ والمَكانة، والجِهاد في سَبيل اللهِ، والهِجرة، والسابقَة في الإسلامِ، وما قالَ: أنا قدَّمتُ من الأعمالِ ما قدَّمتُ، ولا أخافُ أن ألقَى اللهَ وأقفُ بينَ يديهِ بعدَ المَمات.

وهذا عليٌّ رضي الله عنه من فِطنته يخافُ على مَن بعدَه طُول الأملِ واتِّباع الهوَى، ويُوصيهم بهذه الوَصيّة الجَليلة المَعاني، الوَاضِحة الألفاظِ.


الشرح

([1])أخرجه: ابن المبارك في الزهد رقم(31)، وأبو داود في الزهد رقم(150).

([2])أخرجه: أحمد في الزهد رقم(1025).

([3])انظر: صحيح البخاري (1/18).