×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 وَفِي الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ» ([1]).

****

الشرح

المَعاصي موجودةٌ ولا تَزال، لكِن إذا كانتْ خفيفةً وتُنكَر إذا ظهرتْ فإنها لا تَضُرّ إلا صَاحبها، أما إذا ظهرتْ ولم تُنكَر فإن العقوبةَ تَعُمّ الجميعَ: العَاصي وغَير العَاصي؛ العَاصي بذنبِه، وغَير العَاصي بسُكوته وعَدم إنكارِه، ثم يُبعَثون يومَ القِيامة على نِيَّاتهم، هم يَهلكُون في الدنيَا جميعاً الصالحونَ والفاسدونَ، ثُم يَبعث اللهُ الصالحينَ يومَ القِيامة على نِيَّاتهم، وليسَ مَعناه أنهم إذا هلكُوا صارُوا كفارًا ومَصيرهم إلى النارِ، بل يُصيبهم العُقوبة في الدنيَا وهم مُسلمون، لكِن لا يضيعُ اللهُ إيمانَهم وأعمالَهم في الآخرةِ، إنما هذه عقوبةٌ عاجلةٌ.

وقوله: «لاَ تَزَالُ هَذِهِ الأُْمَّةُ تَحْتَ يَدِ اللَّهِ وَفِي كَنَفِهِ» يعني: في حفظه «مَا لَمْ يُمَالِئْ قُرَّاؤُهَا أُمَرَاءَهَا» ما لم يحصُل مُداهنة من العُلماء مع الأمراءِ الضَّالين أو الظالمِين، ولم يناصِحوهم.

وقوله: «ثُمَّ سُلِّطَ عَلَيْهِمْ جَبَابِرَتُهُمْ فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ» بسببِ تَرك إنكارِ المُنكر. فلا بُدَّ من إنكارِ المُنكر، والدعوَة إلى اللهِ، والمُناصحة فيما بينَ المُسلمين؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم : «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» ([2]).


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4878)، وأحمد رقم (13340).

([2])أخرجه: مسلم رقم (49).