ومِصْدَاق هذا ما هو وَاقعٌ
الآنَ مِن كَثرة الآفاتِ والأمراضِ المُستعصِية، وانتشارِ ما يُسمَّى بمَرض «نَقْص المَناعة» الذي ليسَ له عِلاج،
مَن أُصِيب به يعزلُ حتى يَمُوت.
وقوله: «وَلاَ نَقَصَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ
وَالْمِيزَانَ» هذه جريمةٌ وظلمٌ للناسِ، قد أهلكَ اللهُ بها أمَّة من الأُمَم
وهم قَوم شُعيب، «إِلاَّ ابْتُلُوا
بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ» بانحباسِ الأمطارِ ونَقص البَركات، «وَجَوْرِ السُّلْطَانِ» وغَير ذلك مِمّا
هو مُشاهَد في كثيرٍ من الناسِ اليَوم، الذين لا يتورَّعون عن الغِشّ والخَديعة
والمَكْر.
واللهُ جل وعلا يقول: {فَأَوۡفُواْ
ٱلۡكَيۡلَ وَٱلۡمِيزَانَ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ} [الأعراف: 85] .
فالغِشّ والخَديعة والمَكْر في البيعِ والشِّراء، والحِيَل، والقِمَار، كُل ذلك
مِن بَخْس الناسِ أشياءَهم وأَكل أموالِهم بالباطلِ، فمُقابل ذلك يحبسُ اللهُ عنهم
المَطر، فتنشفُ المِياه، وتَغور الآبارُ، وتجدبُ الأرضُ كما هو مُشاهَدٌ.
وقوله: «وَمَا مَنَعَ قَوْمٌ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ
إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ»، يعني: انحبَاس المَطر له
سَببان:
الأول: نَقْص المَكاييل
والمَوَازين، وبَخس الناسِ أشياءَهم.
والثاني: مَنع الزكاةِ، وهذا
أيضاً من بَخس أشيَائهم، فهو مِثل تَخفيف المَكاييل والمَوازين؛ لأنه منعٌ لحقوقِ
الفُقراء والمَساكين.
وقوله: «وَلاَ خَفَرَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوّهم مِنْ غَيْرِهِمْ»، إذا عاهدَ السُّلطان، وتمَّت له البَيْعة، فإذا وَفَّوا فإن اللهَ جل وعلا يُوفِّي لهم أمورَهم، وإذا خانُوا وغدرُوا وخَفروا العهدَ بينهم وبينَ السُّلطان، فإن اللهَ يُسلِّط عليهم عَدُوهم؛