وقوله: «وَتَبَايَعُوا بِالْعِينَةِ»، العِينة
هي الرِّبَا، بمَعنى: أن يبيعَ عليه سِلعة بثمنٍ مُؤجَّل ثم يَشتريها منه بثمنٍ
حَال أقَلّ من المُؤجَّل، فيكُون باعَ دراهمَ بدراهمَ أكثرَ منها مُؤجَّلة، وجعلَ
السِّلعة حِيلة، ورجعَ إليه عَيْنُ مالِه، فسُمِّيت العِينة لأنه رجعَ إليه عَيْن
مالِه.
وقد انتشرتْ هذه المُعاملة
كثيرًا بينَ الناسِ، فإذا جاءَ المُحتاج إلى التَّاجِر ما يقرضُه قرضاً حسناً،
وإنما يقولُ له: أبيعُ لك سيارةً أو شيئاً آخرَ بثمنٍ مُؤجَّل أزيدُ من ثَمنه
الحَال، فإذا اشترَاها وتمَّ العَقْد باعَها المُشتري للدَّائِن، فيَعود إليه
عَيْن مالِه وزِيادة، وهذه المُعاملة حرَّمها اللهُ جل وعلا .
أما إذا أخذَها المُشتري
وباعَها على غَيره فلا إشكالَ في ذلك، فهذه تُسمَّى مسألة التَّوَرُّق، وقد
أجازَها كَثيرٌ من العُلماء، فإذا اشترَى المُحتاج السِّلْعَة ليَبيعها ويتصرَّف
في ثَمنها ويسدِّد ثمنَها إذا حَلّ، هذه تُسمَّى التَّوَرُّق، بشرطِ أن يَبيعها
لغَيره، أما إذا باعَها لمَن اشترَاها منه فهذه العِينة، وهي حِيلة إلى الرِّبا.
وقوله: «لَقَدْ رَأَيْنَا وَمَا أَحَدٌ أَحَقَّ
بِدِينَارِهِ وَدِرْهَمِهِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ» كانوا يَتقارضُون،
فيَجِد المُحتاج من يُقرِضه قرضاً حسناً بدونِ رِبا.
وقوله: «وَتَرَكُوا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»،
ومن الجَرائم التِي تُوجِب العُقوبة: تركُ الجِهاد في سَبيل اللهِ، وقد قالَ
النبيُّ صلى الله عليه وسلم : «ذِرْوَةُ
سَنَامِ الإِسْلاَمِ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ» ([1]).
فإذا كانَ عندَ المُسلمين قُدرة وتَركوا الجِهاد حلَّت بهم العُقوبة، أما إن تَركُوا الجِهاد لأنَّهم لا يَقدرون ولا يَستطيعون، فهم مَعذُورون،
([1])أخرجه: أحمد رقم (22051)، والطبراني في الكبير رقم (7885).