فإذا كانَ الناسُ على دِين
وصَلاحٍ؛ يسَّر اللهُ لهم من الوُلاَة من فيه خَير وفيه صلاحٌ، وإذا كان الناسُ
على فسادٍ ومَعصية؛ سلَّط اللهُ عليهم من الوُلاَة من يَسُومُونهم سُوء العَذاب،
وقد جاءَ في الأَثَر: «كَمَا تَكُونُوا
يُوَلَّى عَلَيْكُمْ» ([1]). ويقولُ
اللهُ تبارك وتعالى : {وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ
ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} [الأنعام: 129] .
فصَلاح وُلاَة الأمورِ رحمَة
للرَّعِيّة، وظُلم وُلاَة الأمورِ عُقوبة على الرَّعِيّة. فالوَاجِب على الناسِ أن
يَتضرَّعوا إلى اللهِ، وأن يَتُوبوا إلى اللهِ؛ حتى يُصْلِح لهم وُلاَتهم
ورُعَاتهم.
وقوله: «وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ شَرًّا
جَعَلَ أَمْرَهُمْ إِلَى سُفَهَائِهِمْ»، فيجعلُ أموالَهم بأيدِي السُّفهاء،
الذين يَبخلون بها، ويَضنون بها على الخَير، ويَتشاغلون بالرِّبا وأكلِ أموالِ
الناسِ بالبَاطل، أما إذا أرادَ بهم خيرًا جعلَ الأموالَ بأيدِي السُّمحاء الذين
يُنفقونها في سَبيل اللهِ، ويُساعدون بها المُحتاجِين.
فالسَّلاطين يسلِّطهم اللهُ
على العِباد بذُنوبهم، فإذا مَنعوا الزكاةَ، وتَعاملوا بالرِّبا، وأكلُوا أموالَ
الناسِ بالبَاطل، ابْتُلوا بشدَّة المَؤُونة، وجَوْر السُّلطان، ولو كَانوا أهلَ
علمٍ ودينٍ وكتابٍ، كما سلَّط اللهُ عز وجل المَجُوس على بَني إسرائيلَ عُقوبة
لهم.
وما هو مُشاهَد في هذا الزَّمَان في كثيرٍ من البلدانِ من الجَوْر والظُّلْم، وتَشْرِيد المُسلمين، وتَشْرِيد الصَّالِحين، وتَوَلِّي الظَّلَمَة عليهم، إنما هو بسَبَب الذُّنُوب والمَعَاصِي، سلَّطهم اللهُ عليهم عُقوبة لهم.
([1])أخرجه: ابن جميع في معجم الشيوخ (ص:149)، والبيهقي في الشعب رقم (7006).