×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 وَقَالَ الْعُمَرِيُّ الزَّاهِدُ: إِنَّ مِنْ غَفْلَتِكَ عَنْ نَفْسِكَ، وَإِعْرَاضِكَ عَنِ اللَّهِ أَنْ تَرَى مَا يُسْخِطُ اللَّهَ، فَتَتَجَاوَزَهُ، وَلاَ تَأْمُرُ فِيهِ، وَلاَ تَنْهَى عَنْهُ، خَوْفًا مِمَّنْ لاَ يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ ضُرًّا وَلاَ نَفْعًا.

وَقَالَ: مَنْ تَرَكَ الأَْمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، مَخَافَةً مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، نُزِعَتْ مِنْهُ الطَّاعَةُ، وَلَوْ أَمَرَ وَلَدَهُ أَوْ بَعْضَ مَوَالِيهِ لاَسْتَخَفَّ بِحَقِّهِ ([1]).

****

الشرح

هذا يَدُل على أن كُل جريمةٍ لها عُقوبة، وأن العُقوبات إنما سَببها الذنوبُ والمَعاصي والكُفر والفِسْق، وأن الناسَ إذا تَركوا الأمرَ بالمَعروف والنهيَ عن المُنكر لم يُقبل دعاؤُهم.

وكذلك مَن يترُك الأمرَ بالمَعروف والنهيَ عن المُنكر خوفاً من الناسِ تَحلّ به العُقوبة، وإنكَار المُنكر حَسب الاستطاعَة، وأقَلّ شيءٍ أن يُنكره بقَلبه، فيُبغض المُنكر وأَهله، ويَبتعد عنهم، وأعلَى شيءٍ أن يُزِيله بيدِه إن كانَ له سُلطة، أو بلِسانه إن لم يكُن له سُلطة ولكن عِنده عِلم ومَعرفة، فيَعظ ويَنصح ويبيِّن للناسِ.

فإن كانَ بيدِه سُلطة ويَستطيع أن يُنكره بيدِه، أو يَستطيع أن يُنكره بلِسانه لأنه عِنده مَعرفة وبَيان، ولكِنه تَرك الإنكارَ خوفاً مِن الناسِ، فهذا تَحِلّ عليه العُقوبة، أما إذا كانَ لا يَقدر فيَبقى الإنكَار بالقَلب، والإنكَار بالقَلب لا يقدِر أحدٌ أن يمنعَه منه أبدًا؛ لأن الناسَ ما يَدرُون عن قَلبه.


الشرح

([1])أخرجه: ابن أبي الدنيا في العقوبات رقم (38).