وَنَهَبُوا الأَْمْوَالَ،
ثُمَّ بَعَثَهُمْ عَلَيْهِمْ مَرَّةً ثَانِيَةً فَأَهْلَكُوا مَا قَدَرُوا
عَلَيْهِ وَتَبَّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا؟!
وَمَا الَّذِي سَلَّطَ
عَلَيْهِمْ أَنْوَاعَ الْعُقُوبَاتِ، مَرَّةً بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَخَرَابِ
الْبِلاَدِ، وَمَرَّةً بِجَوْرِالْمُلُوكِ، وَمَرَّةً بِمَسْخِهِمْ قِرَدَةً
وَخَنَازِيرَ؟! وَآخِرُ ذَلِكَ أَقْسَمَ الرَّبُّ تبارك وتعالى : { لَيَبۡعَثَنَّ
عَلَيۡهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَن يَسُومُهُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِۗ} [الأَْعْرَافِ:
167] .
****
الشرح
قوله: «وَمَا الَّذِي أَغْرَقَ أَهْلَ الأَْرْضِ
كُلَّهُمْ»، هذا في قومِ نُوحٍ.
وقوله: «وَمَا الَّذِي سَلَّطَ الرِّيحَ الْعَقِيمَ
عَلَى قَوْمِ عَادٍ»، مع قُوَّتهم وكُبر أجسامِهم: {فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ
بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ} [فصلت: 15] ،
فسَلَّطَ اللهُ عليهم ريحاً أهلكتْهم، ودمَّرت مَنازلهم، وحَملتهم إلى الجَوِّ ثم
ردَّتهم على رؤوسِهم فدَفَّتْ أعناقَهم؛ حتى صارُوا كأعجازِ نخلٍ خَاوِية، بسببِ
كُفرهم، واستكبارِهم، وعِصيانهم أمرَ اللهِ.
وقوله: «وَمَا الَّذِي أَرْسَلَ عَلَى قَوْمِ
ثَمُودَ الصَّيْحَةَ»، يعني: الصَّاعِقة، صاحَ فيهم جِبريل عليه السلام
فهلكُوا جميعاً: {إِنَّآ
أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ}، صَيحة وَاحدة ما هي بصيحاتٍ؛ لأنهم لا يتحمَّلون، {فَكَانُواْ
كَهَشِيمِ ٱلۡمُحۡتَظِرِ} [القمر: 31] ، لم يَمتثلوا لأمرِ اللهِ فعاقبَهم أشنعَ
عُقوبة.
وقوله: «وَمَا الَّذِي رَفَعَ قُرَى اللُّوطِيَّةِ» الذين كَانوا يأتونَ الذُّكْرَان ويَذرُون ما خلقَ لهم ربُّهم من أزواجِهم «حَتَّى سَمِعَتِ الْمَلاَئِكَةُ نَبِيحَ كِلاَبِهِمْ»، عاقبَهم بسببِ هذه المَعصية بأن رفعَ دِيارهم إلى الجَوِّ، ثم قلبَها عليهم، وأتبعَهم بحِجارةٍ من سِجِّيل.