×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 قَالَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عُمَرَوَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «لَمَّا فُتِحَتْ قُبْرُصُ فُرِّقَ بَيْنَ أَهْلِهَا، فَبَكَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَرَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ جَالِسًا وَحْدَهُ يَبْكِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ مَا يُبْكِيكَ فِي يَوْمٍ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهِ الإِْسْلاَمَ وَأَهْلَهُ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا جُبَيْرُ، مَا أَهْوَنُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ عز وجل إِذَا أَضَاعُوا أَمْرَهُ، بَيْنَمَا هِيَ أُمَّةٌ قَاهِرَةٌ ظَاهِرَةٌ لَهُمُ الْمُلْكُ، تَرَكُوا أَمْرَ اللَّهِ فَصَارُوا إِلَى مَا تَرَى» ([1]).

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَنْ يَهْلِكَ النَّاسُ حَتَّى يُعْذِرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ» ([2]).

****

الشرح

أهل قبرص: نَصارى أَهل كتابٍ، سلَّط اللهُ عليهم المُسلمين فانتصرُوا عليهم، وأخذُوا دِيارَهم، بسببِ كُفرهم، فاعتبرَ أبو الدَّرْدَاء بحَالهم، وأنَّهم ما أصابَهم هذا إلا بسببِ ذُنوبهم، وهو يخافُ مِن الذنوبِ، فبكَى.

وقولُه صلى الله عليه وسلم : «لَنْ يَهْلِكَ النَّاسُ حَتَّى يُعْذِرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ»، يعني: إذا عَصوا ونَهوا عن ذلكَ ولم يَمتثِلوا، أعذرُوا مِن أنفسِهم، فأهلكَهم اللهُ، ولهذا يقولُ جل وعلا : {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولٗا} [الإسراء: 15] ، فإذا لم يتَّبعوا الرسولَ صارَ للهِ عُذر في إهلاكِهم.


الشرح

([1])أخرجه: ابن الجعد في مسنده رقم (128).

([2])أخرجه: أحمد في الزهد رقم (763).