وقوله: «وَلَعَنَ السَّارِقَ»؛ لأن النبيَّ صلى
الله عليه وسلم قال: «لَعَنَ اللهُ
السَّارِقَ، يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ
فَتُقْطَعُ يَدُهُ». وتردُ على ظَاهرها؛ لأنه تساهلَ في أخذِ الشيءِ اليَسير
الذِي يجرُّه إلى الكثيرِ، فالبَيضة ليسَ فيها قطعٌ، لكنها تجرُّه إلى أن يَتمادى
في السَّرقة حتى تُقطع يدُه.
وقوله: «وَلَعَنَ شَارِبَ الْخَمْرِ ...» إلى
آخرِه، لعنَهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ لأنهم تَعاونوا عَليها: الذِي
يَصنعها، والذِي يَبيعها، والذِي يَأكل ثَمنها، والذِي يَحملها ويَنقلها
بالسَّيَّارات والشَّاحنات، ويروِّج لها، والمَحمولة إليه، والذِي يطلبُها وتُحمَل
إليه، وعَاصِرها مِن الفَواكِه، ومُعتصِرها وهو الذِي طلبَ أن تُعصَر له، كُلهم عَشرة
مَلعونون في الخَمر مِما يَدُلّ على خُبثها.
وقوله: «وَلَعَنَ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَْرْضِ»، وهي المَراسيلُ التِي تفرزُ حقوقَ الناسِ، فيَجيء هذا ويقدِّم ويؤخِّر فيها، وقِيل: المُراد بها أَنْصَاب الحَرَم المَكِّيِّ التي جُعِلت عليه، وقِيل: العَلامات التِي على الطُّرُق لهِداية الناسِ، فيجيءُ مَن يغيِّرها ليُضِلّ الناسَ الطريقَ، ومِنها مثلاً: اللوحاتُ التِي على الطُّرُق اليَوم، هذه من مَنار الأرضِ، فمَن غيَّرها أصابتْه اللعنةُ؛ لأنه أضرَّ بالناسِ. والأظهرُ العُموم، وأن مَنار الأرضِ هي العَلامات التِي تُوضَع في الأرضِ.