وَمِنْ تَأْثِيرِ مَعَاصِي اللَّهِ فِي
الأَْرْضِ: مَا يَحِلُّ بِهَا مِنَ الْخَسْفِ وَالزَّلاَزِلِ، وَيَمْحَقُ
بَرَكَتَهَا. وَقَدْ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى دِيَارِ
ثَمُودَ، فَمَنَعَهُمْ مِنْ دُخُولِ دِيَارِهِمْ، وَمِنْ شُرْبِ مِيَاهِهِمْ،
وَمِنَ الاِسْتِسْقَاءِ مِنْ آبَارِهِمْ، حَتَّى أَمَرَ أَنْ لاَ يُعْلَفَ
الْعَجِينُ الَّذِي عُجِنَ بِمِيَاهِهِمْ لِلنَّوَاضِحِ ([1])،
لِتَأْثِيرِ شُؤْمِ الْمَعْصِيَةِ فِي الْمَاءِ.
وَكَذَلِكَ شُؤْمِ تَأْثِيرِ
الذُّنُوبِ فِي نَقْصِ الثِّمَارِ وَمَا تَرَمى بِهِ مِنَ الآْفَاتِ. وَقَدْ
ذَكَرَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ فِي ضِمْنِ حَدِيثٍ قَالَ: «وُجِدَتْ فِي خَزَائِنَ بَعْضِ بَنِي
أُمَيَّةَ حِنْطَةٌ، الْحَبَّةُ بِقَدْرِ نَوَاةِ التَّمْرَةِ، وَهِيَ فِي صُرَّةٍ
مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا: كَانَ هَذَا يَنْبُتُ فِي زَمَنٍ مِنَ الْعَدْلِ» ([2]).
وَكَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ
الآْفَاتِ أَحْدَثَهَا اللَّهُ سبحانه وتعالى بِمَا أَحْدَثَ الْعِبَادُ مِنَ
الذُّنُوبِ. وَأَخْبَرَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِ الصَّحْرَاءِ أَنَّهُمْ كَانُوا
يَعْهَدُونَ الثِّمَارَ أَكْبَرَ مِمَّا هِيَ الآْنَ، وَكَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ
الآْفَاتِ الَّتِي تُصِيبُهَا لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهَا، وَإِنَّمَا حَدَثَتْ
مِنْ قُرْبٍ.
وَأَمَّا تَأْثِيرُ
الذُّنُوبِ فِي الصُّوَرِ وَالْخَلْقِ، فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ
عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «خَلَقَ
اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ فِي السَّمَاءِ سِتُّونَ ذِرَاعًا، وَلَمْ يَزَلِ
الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآْنَ» ([3]).
ولما يُطَهِّرَ الله سبحانه الأَْرْضَ مِنَ الظَّلَمَةِ وَالْخَوَنَةِ وَالْفَجَرَةِ، يُخْرِجُ عَبْدًا مِنْ عِبَادِهِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَيَمْلَأُ الأَْرْضَ قِسْطًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، وَيَقْتُلُ الْمَسِيحُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، وَيُقِيمُ الدِّينَ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ؛
([1])أخرجه: البخاري رقم (3379)، ومسلم رقم (2981).