×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 عَرَفَ نَفْسَهُ بِالنَّقْصِ وَالذَّمِّ. وَرَبُّهُ مُتَفَرِّدٌ بِالْكَمَالِ وَالْحَمْدِ وَالْوَفَاءِ كَمَا قِيلَ:

اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِالْوَفَاءِ وَبِالْـ

 

حَمْدِ وَوَلَّى الْمَلاَمَةَ الرَّجُلاَ

فَأَيُّ نِعْمَةٍ وَصَلَتْ مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِ اسْتَكْثَرَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَرَأَى نَفْسَهُ دُونَهَا وَلَمْ يَرَهَا أَهْلاً، وَأَيُّ نِقْمَةٍ أَوْ بَلِيَّةٍ وَصَلَتْ إِلَيْهِ رَأَى نَفْسَهُ أَهْلاً لِمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا، وَرَأَى مَوْلاَهُ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ، إِذْ لَمْ يُعَاقِبْهُ عَلَى قَدْرِ جُرْمِهِ وَلاَ شَطْرِهِ، وَلاَ أَدْنَى جُزْءٍ مِنْهُ؛ فَإِنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْعُقُوبَةِ لاَ تَحْمِلُهُ الْجِبَالُ الرَّاسِيَاتُ، فَضْلاً عَنْ هَذَا الْعَبْدِ الضَّعِيفِ الْعَاجِزِ.

فَإِنَّ الذَّنْبَ وَإِنْ صَغُرَ فَإِنَّ مُقَابَلَةَ الْعَظِيمِ - الَّذِي لاَ شَيْءَ أَعْظَمُ مِنْهُ، الْكَبِيرِ الَّذِي لاَ شَيْءَ أَكْبَرُ مِنْهُ، الْجَلِيلِ الَّذِي لاَ أَجَلَّ مِنْهُ وَلاَ أَجْمَلَ، الْمُنْعِمِ بِجَمِيعِ أَصْنَافِ النِّعَمِ دَقِيقِهَا وَجُلِّهَا - مِنْ أَقْبَحِ الأُْمُورِ وَأَفْظَعِهَا وَأَشْنَعِهَا، فَإِنَّ مُقَابَلَةَ الْعُظَمَاءِ وَالأَْجِلاَّءِ وَسَادَاتِ النَّاسِ بِمِثْلِ ذَلِكَ يَسْتَقْبِحُهُ كُلُّ أَحَدٍ مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ.

وَأَرْذَلُ النَّاسِ وَأَسْقَطُهُمْ مُرُوءَةً مَنْ قَابَلَهُمْ بِالرَّذَائِلِ، فَكَيْفَ بِعَظِيمِ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ، وَمَلِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ، وَإِلَهِ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ؟!

وَلَوْلاَ أَنَّ رَحْمَتَهُ سَبَقَتْ غَضَبَهُ، وَمَغْفِرَتَهُ سَبَقَتْ عُقُوبَتَهُ، وَإِلاَّ لَتَدَكْدَكَتِ الأَْرْضُ بِمَنْ قَابَلَهُ بِمَا لاَ يَلِيقُ مُقَابَلَتُهُ بِهِ، وَلَوْلاَ حِلْمُهُ وَمَغْفِرَتُهُ لَزُلْزِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَْرْضُ مِنْ مَعَاصِي الْعِبَادِ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} [فَاطِرٍ: 41] .


الشرح