فَمَلَكُ الْمُؤْمِنِ
يَرُدُّ عَنْهُ وَيُحَارِبُ وَيُدَافِعُ عَنْهُ، وَيُعَلِّمُهُ وَيُثَبِّتُهُ
وَيُشَجِّعُهُ، فَلاَ يَلِيقُ بِهِ أَنْ يُسِيءَ جِوَارَهُ وَيُبَالِغَ فِي
أَذَاهُ وَطَرْدِهِ عَنْهُ وَإِبْعَادِهِ، فَإِنَّهُ ضَيْفُهُ وَجَارُهُ.
وَإِذَا كَانَ إِكْرَامُ
الضَّيْفِ مِنَ الآْدَمِيِّينَ وَالإِْحْسَانُ إِلَى الْجَارِ مِنْ لَوَازِمِ
الإِْيمَانِ وَمُوجِبَاتِهِ، فَمَا الظَّنُّ بِإِكْرَامِ أَكْرَمِ الأَْضْيَافِ،
وَخَيْرِ الْجِيرَانِ وَأَبَرِّهِمْ؟!
وَإِذَا آذَى الْعَبْدُ
الْمَلَكَ بِأَنْوَاعِ الْمَعَاصِي وَالظُّلْمِ وَالْفَوَاحِشِ دَعَا عَلَيْهِ
رَبَّهُ، وَقَالَ: لاَ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، كَمَا يَدْعُو لَهُ إِذَا
أَكْرَمَهُ بِالطَّاعَةِ وَالإِْحْسَانِ.
قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ
رضي الله عنهم : «إِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لاَ يُفَارِقُكُمْ، فَاسْتَحْيُوا مِنْهُمْ
وَأَكْرِمُوهُمْ» ([1]).
وَلاَ أَلأَْمَ مِمَّنْ لاَ
يَسْتَحِي مِنَ الْكَرِيمِ الْعَظِيمِ الْقَدْرِ، وَلاَ يُجِلُّهُ وَلاَ
يُوَقِّرُهُ، وَقَدْ نَبَّهَ سُبْحَانَهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: {وَإِنَّ
عَلَيۡكُمۡ لَحَٰفِظِينَ ١٠كِرَامٗا كَٰتِبِينَ ١١يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ ١٢} [الاِنْفِطَارِ:
10- 12] أَيِ: اسْتَحْيُوا مِنْ هَؤُلاَءِ الْحَافِظِينَ الْكِرَامِ
وَأَكْرِمُوهُمْ، وَأَجِلُّوهُمْ أَنْ يَرَوْا مِنْكُمْ مَاتَسْتَحْيُونَ أَنْ
يَرَاكُمْ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ مِثْلُكُمْ.
وَالْمَلاَئِكَةُ تَتَأَذَّى
مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ ([2])، فَإِذَا كَانَ
ابْنُ آدَمَ يَتَأَذَّى مِمَّنْ يَفْجُرُ وَيَعْصِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَإِنْ كَانَ
يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَمَا الظَّنُّ بِأَذَى الْمَلاَئِكَةِ الْكِرَامِ
الْكَاتِبِينَ؟! وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
****
الشرح
يعني: أن الإنسانَ مَعه مَلَك ومَعه شَيطانٌ، فهو لمِن غَلَبَ،