×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 فَفَازَ الْمُتَّقُونَ الْمُحْسِنُونَ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ وَحَصَلُوا عَلَى الْحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ فِي الدَّارَيْنِ، فَإِنَّ طِيبَ النَّفْسِ، وَسُرُورَ الْقَلْبِ، وَفَرَحَهُ وَلَذَّتَهُ وَابْتِهَاجَهُ وَطُمَأْنِينَتَهُ وَانْشِرَاحَهُ وَنُورَهُ وَسَعَتَهُ وَعَافِيَتَهُ مِنْ تَرْكِ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، وَالشُّبُهَاتِ الْبَاطِلَةِ، هُوَ النَّعِيمُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلاَ نِسْبَةَ لِنَعِيمِ الْبَدَنِ إِلَيْهِ.

فَقَدْ كَانَ يَقُولُ بَعْضُ مَنْ ذَاقَ هَذِهِ اللَّذَّةَ: «لَوْ عَلِمَ الْمُلُوكُ وَأَبْنَاءُ الْمُلُوكِ مَا نَحْنُ فِيهِ لَجَالَدُونَا عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ» ([1]).

وَقَالَ آخَرُ: «إِنَّهُ لَيَمُرُّ بِالْقَلْبِ أَوْقَاتٌ أَقُولُ فِيهَا: إِنْ كَانَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي مِثْلِ هَذَا، إِنَّهُمْ لَفِي عَيْشٍ طَيِّبٍ» ([2]).

وَقَالَ آخَرُ: «إِنَّ فِي الدُّنْيَا جَنَّةً هِيَ فِي الدُّنْيَا كَالْجَنَّةِ فِي الآْخِرَةِ، فَمَنْ دَخَلَهَا دَخَلَ تِلْكَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا لَمْ يَدْخُلْ جَنَّةَ الآْخِرَةِ».

وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى هَذِهِ الْجَنَّةِ بِقَوْلِهِ: «إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا»، قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «حِلَقُ الذِّكْرِ» ([3]).

وَقَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» ([4]).

****

الشرح

قولُه: «وَحَصَلُوا على الحياةِ الطَّيِّبَةِ في الدَّارَيْنِ»، كما في قولِه تعالى: {مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗۖ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} [النحل: 97]


الشرح

([1])أخرجه: أبو نعيم في الحلية (7/370).

([2])أخرجه: ابن الجوزي في صفة الصفوة (2/423) بنحوه.

([3])أخرجه: الترمذي رقم (3510)، وأحمد رقم (12523)، والبزار رقم (6500)، وأبو يعلى رقم (3432).

([4])أخرجه: البخاري رقم (1196)، ومسلم رقم (1391).