وقولُه: «وهل العيشُ في الحقيقة إِلاَّ عيشُ القلبِ
السَّليمِ ؟»، وقد قَالَ اللهُ تبارك وتعالى : { يَوۡمَ لَا يَنفَعُ مَالٞ وَلَا
بَنُونَ ٨٨إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ ٨٩} [الشُّعَرَاءِ: 88- 89] ، وقال جل وعلا في حقِّ
إِبْرَاهِيْمَ: { إِذۡ جَآءَ
رَبَّهُۥ بِقَلۡبٖ سَلِيمٍ } [الصافات: 84] ، والقلبُ السَّليمُ: هو الذي سَلِمَ من
الآفاتِ؛ من الحِقْدِ، والغِلِّ، والحَسَدِ، وكان خالصاً للهِ عز وجل ، محباً للهِ
ورَسُولِه، ومحباً لعباده المؤمنين، ومحباً للأَعْمالِ الصَّالحةِ، هذا هو القلبُ
السَّليمُ.
وقولُه: «ولذلك اشْتَدَتْ حاجةُ العبدِ بل ضرورتُه، إِلى أَنْ يَسْأَلَ اللهَ أَنْ يهديَه الصِّراطَ المستقيمَ»، قال الله تبارك وتعالى : {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ} [الأنعام: 153] ، وقال جل وعلا : {ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] ، والصِّراطُ: هو الطَّريقُ: والمستقيمُ: هو المُعْتَدِلُ، والمرادُ بالصِّراطِ المستقيمِ: الطَّريقُ المُوَصِّلُ إِلَى اللهِ عز وجل وإِلَى جَنَّتِه، فإِذا هداك اللهُ للصِّراطِ المستقيمِ وَصَلْتَ إِلَى الجَنَّةِ، وإِذَا أَخْطَأْتَ الصِّراطَ المستقيمَ فإِنَّك إِمَّا تكون مع المغضوبِ عليهم وإِمَّا مع الضَّالِّين، وهذا مطلبٌ عزيزٌ أَنْ تُلِحَّ على اللهِ جل وعلا أَنْ يهديَك صراطَه المستقيمَ؛ لأَنَّ أَكْثَرَ الخلقِ ليسوا على الصِّراطِ المستقيمِ، وإِنَّما عليه الذين أَنْعَمَ اللهُ عليهم من النَّبِيِّيْنَ والصِّدِّيْقِيْنَ والشُّهَدَاءِ والصَّالحين وحَسُنَ أُولئِك رفيقاً، فمن أَنْعَمَ اللهُ عليه فهو على الصِّراطِ المستقيمِ.