×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

والحَافِظُ الذَّهْبِيُّ رحمه الله له كتابٌ اسْمُهُ «الكبائِر» قدْ بلَّغ به أَكْثرَ من سبعين كبيرةً، وكذلك ابنُ حَجَرٍ الهَيْتَمِيُّ المَكِيُّ له كتابُ «الزَّواجر عن اقْتراف الكبائِر» أَظُنُّ أَنَّه أَوْصَلَها إِلَى حواليْ أَرْبَعِمِائَةٍ كبيرةٍ.

وتَعَدُّدُ أَقْوالِ العلماءِ في عددِ الكبائِرِ دليلٌ على أَنَّها لا حصرَ لها، وأَنَّ كلَّ واحدٍ مِنْهُمْ يقول بما بلغه من النصوص.

وقولُه: «وقالتْ طائِفةٌ: ما اقْتُرِنَ بالنَّهْيِ عنه وَعِيْدٌ مِن لَعْنٍ أَوْ غضبٍ أو عقوبةً فهو كبيرةٌ» وهذا هو أَصَحُّ الأَقْوال، وهو اخْتيارُ شَيْخِ الإِسْلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ ([1])، «وما لم يرتَبْ عليه لا هذا ولا هذا فهو صغيرةٌ» يعني: ما نُهِيَ عنه ولم يُقْتَرَنْ به لَعْنُ ولا غضبٌ ولاحَدٌّ فهو صغيرةُ.

وقولُه: «وقيل: كلُّ ما اتَّفَقَتِ الشَّرائِعُ على تحريمِه فهو مِن الكبائِرِ» مثلُ قولِه تعالى: { قُلۡ تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ}.

هذه مُحَرَّمَاتٌ في جميعِ الشَّرائِع، وهي عشرةٌ في سُوْرَةِ الأَنْعَامِ: {قُلۡ تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗاۖ}إِلَى قولِه تعالى: { وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ} [الأنعام: 151- 153] .

وقولُه: «وقيل: كلُّ ما لَعَنَ اللهُ أَوْ رَسُولُه فاعلَه فهو كبيرةٌ» هذا أَيْضاً من ضوابطِ الكبائِر.

وكذلك ما جاءَ في سُوْرَةِ الإِسْرَاءِ: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ} إِلَى قولِه تعالى: {كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُۥ عِندَ رَبِّكَ مَكۡرُوهٗا} [الإسراء: 23- 38] هذه كبائِرُ أَيْضاً.


الشرح

([1])ينظر: مجموع الفتاوى (11/651).