والكبائِرُ أَيْضاً يُحْكَمُ
على صاحبِها بالفِسْق ونُقْصانِ الإِيْمان، وأَمَّا الصَّغائِرُ فتَنْقُصُ كمالَ
الإِيْمانِ المُسْتَحَبَّ، ولا يُحْكَمُ على صاحبِها بالفِسْق.
والكبائِرُ بعضُها أَشدُّ من
بعضٍ؛ أَشدُّها: الكُفْرُ والشِّرْكُ بالله، وهذا لا يغفره اللهُ عز وجل : {إِنَّ ٱللَّهَ
لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ} [النساء: 48] ،
والزِّنَا وقَتْلُ النَّفْسِ أَيْضاً مِن أَشدِّ الكبائِرِ، كما في قولِه تعالى: {وَٱلَّذِينَ
لَا يَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي
حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا يَزۡنُونَۚ} [الفرقان: 68] فهذه مِن أَكْبرِ الكبائِرِ.
كذلك من أَكْبرِ الكبائِرِ:
السَّبْعُ الموبقاتُ، وهي: الشِرْكُ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفس، وقَذْفُ
المُحْصَنَاتِ، وأَكْلُ الرِّبَا، وأَكْلُ مالِ اليتيم، والتَّولِّي يومَ الزَّحْفِ
هذه من كبائِرِ الذُّنوب، واللهُ تبارك وتعالى يقول: { وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ
إِلَيۡكُمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَزَيَّنَهُۥ فِي قُلُوبِكُمۡ وَكَرَّهَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ
وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡيَانَۚ} [الحجرات: 7] ، فقسَّم المعاصي: إِلَى كفرٍ وفسوقٍ وهو
الكبائِرُ، وإِلَى عصيانَ وهو الصَّغائِرُ. ويرى بعضُ العلماءِ أَنَّ كلَّ الذُّنوبِ
كبائِرُ ليس فيها صغائِرُ، ولكنَّ الرَّاجحَ الأَوَّلُ، وقولُه تعالى: {ٱلَّذِينَ
يَجۡتَنِبُونَ كَبَٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ إِلَّا ٱللَّمَمَۚ} [النجم: 32] يدلُّ
على أَنَّ هناك كبائِرَ، وهناك سَيِّئَاتٍ دُوْنَها؛ حيث قسَّم الذُّنوبَ إِلَى
كبائِرَ، وإِلَى لَمَمٍ، والكبائِرُ معروفةٌ، واللَّمَمُ هو: الصَّغائِرُ.
وكذلك قولُه صلى الله عليه وسلم : «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ»، دليلٌ على أَنَّ هناك كبائِرَ وصغائِرَ، فالكُفْرُ والشِّرْكُ لا يُغْفَرُ إِلاَّ بالتَّوبة،