×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

فأَيْنَ يذهب الذين يبنون المشاهدَ على القبورِ، ويذبحون عندها، وينذرون لها، ويطوفون بِها، ويَهْتِفُونَ بِها، ويستغيثون، ويستنجدون، ويزعمون أَنَّ هذا من الإِسْلام؟! بلْ هذا هو الشِّرْكُ، وهو ودِيْنُ الجاهليَّةِ سواءٌ بسواءٍ، مع أَنَّهم يقولون: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، ويصومون، ويُصلُّون، ويَحُجُّونَ، ويتصدَّقون، لكنَّ كلَّ هذا باطلٌ؛ لأَنَّه لم يُؤَسَّسْ على التَّوحيد، وعقيدتُهم فاسدةٌ، والمدارُ على العقيدة.

وقولُه: «لَعَنَ اللهُ زَوَّارَاتِ القُبُورِ» فيه تحريمُ زيارةِ النِّساءِ للقبور؛ لأَنَّ اللَّعْنَ يقتضي شِدَّةَ التَّحْريم، وأَنَّه كبيرةٌ من كبائِرِ الذُّنوب. بَيْنَمَا الرِّجَالُ يُسْتَحَبُّ لهم زيارةُ القبور، فما الفرقُ؟ الفرقُ: أَنَّ المَرْأَةَ ضعيفةٌ، وأَنَّها إِذَا رَأَتْ قَبْرَ قريبِها قد يُصيبها الجزعُ والنِّياحةُ والسَّخَطُ، خلافاً للرَّجُلِ فإِنَّه أَقْوى منها وأَثْبَتُ، كما أَنَّ المَرْأَةَ عَوْرَةٌ، فإِذَا ذهبتْ إِلَى المقابرِ وَحْدَهَا - والمقابرُ لا تَخْلُو مِن زُوَّارٍ - قد يَحْصُلُ لها مفاسدُ ممَّا هو معلومٌ وقوعُه عند الأَضْرِحَةِ من المفاسد، والزِّنا، والشَّر.

وقولُه: «والمُتَّخذين عليها المساجدَ»، يعني: الذين يُصلُّون عندها، ويبنون عليها، «والسرج» وهي الإِضاءَةُ، والقبورُ لا تُضاءُ بالأَنْوار ولا يُجْعَلُ فيها مصابيحُ؛ لأَنَّ هذا يُعلِّقُ قلوبَ العوامَ بِها، فيكون سبباً للشِّرْك وتعظيمِ القبور.

وقولُه: «اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ» هذا أَيْضاً زيادةُ تَأْكِيْدٍ، وأَنَّ غَضَبَ اللهِ ليس بغَضَبٍ يسيرٍ وإِنَّما شديدٌ والعياذُ باللهِ، على مَن؟ قال: «عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يعني: يُصلُّونَ عندها تَبَرُّكاً بِها، أَوْ يبنون عليها المساجدَ لأَجْلِ جَلْبِ النَّاس.


الشرح