وَقَدْ حَمَى النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم جَانِبَ التَّوْحِيدِ أَعْظَمَ حِمَايَةٍ، حَتَّى نَهَى عَنْ
صَلاَةِ التَّطَوُّعِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ
غُرُوبِهَا ([1])؛ لِئَلاَّ
يَكُونَ ذَرِيعَةً إِلَى التَّشَبُّهِ بِعُبَّادِ الشَّمْسِ الَّذِينَ يَسْجُدُونَ
لَهَا فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ، وَسَدَّ الذَّرِيعَةَ بِأَنْ مَنَعَ
الصَّلاَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ ([2])؛ لاِتِّصَالِ
هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ بِالْوَقْتَيْنِ اللَّذَيْنِ يَسْجُدُ الْمُشْرِكُونَ
فِيهِمَا لِلشَّمْسِ.
وَأَمَّا السُّجُودُ
لِغَيْرِ اللَّهِ فَقَالَ: «لاَ يَنْبَغِي لأَِحَدٍ أَنْ يَسْجُدَ لأَِحَدٍ إِلاَّ
لِلَّهِ» ([3]).
وَ«لاَ يَنْبَغِي» فِي
كَلاَمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِي هُوَ فِي غَايَةِ
الاِمْتِنَاعِ شَرْعًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يَنۢبَغِي
لِلرَّحۡمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مَرْيَمَ: 92] ، وَقَوْلِهِ: {وَمَا عَلَّمۡنَٰهُ ٱلشِّعۡرَ
وَمَا يَنۢبَغِي لَهُۥٓۚ} [يس: 69] ، وَقَوْلِهِ: {وَمَا تَنَزَّلَتۡ بِهِ ٱلشَّيَٰطِينُ
٢١٠وَمَا يَنۢبَغِي لَهُمۡ وَمَا يَسۡتَطِيعُونَ ٢١١} [الشُّعَرَاءِ: 210، 211] ، وَقَوْلِهِ: {مَا كَانَ
يَنۢبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنۡ أَوۡلِيَآءَ} [الْفُرْقَانِ:
18] .
****
الشرح
قولُه: «وقَدْ حَمَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جانبَ التَّوحيد أَعْظمَ حِمايةً»؛ لأَنَّه سدَّ الوسائِلَ المُفْضِيَةَ إِلَى الشِّرْكِ، فهي في ذاتِها ليستْ بشِرْكٍ، ولكنَّها تُفْضِي إِلَى الشِّرْك، فلذلك نَهَى عنها كما نَهَى عن البِنَاءِ على القبور، وإِسْرَاجِ القبور، والكتابةِ على القبور، وتَجْصِيْصِ القبور وزَخْرَفَتِها؛ لأَنَّ ذلك كلَّه من الوسائِلِ المُفْضِيَةِ إِلَى الشِّرْك.
([1])أخرجه: البخاري رقم (582)، ومسلم رقم (828).