ولهذا لما قال بعض اليهود لسلمان رضي الله عنه: «قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى
الْخِرَاءَةَ قَالَ: فَقَالَ: أَجَلْ «لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ
الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ، أو بَوْلٍ، أو أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، أو أَنْ
نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، أو أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ
أو بِعَظْمٍ»» ([1])، ذكر رضي الله عنه
آداب قضاء الحاجة؛ لأن الشريعة كاملة، ما تركت شيئًا إلا بينته للناس، ولو كان هذا
الشيء مما يحتقره الناس، أو مما يستحيى منه، فإن الله لا يستحيي من الحق، والله
يبين الحق للناس.
ولو كان في نظر
المتكبرين، وفي نظر بعض الكفار المشركين والمعترضين على الإسلام؛ أن هذا الشيء لا
يستحق أن يذكر، أو أنهم يترفعون عن ذلك، الله جل وعلا لا يستحيي من الحق، فيبين
هذا للناس، وهذا من رحمته بعباده، فآداب قضاء الحاجة مذكورة في هذا الباب، وهي
مأخوذة من الأدلة الشرعية.
قوله رحمه الله: «يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ دُخُوْلَ
الْخَلاءِ أَنْ يَقُوْلَ: بِسْمِ اللهِ»، الخلاء: محل قضاء الحاجة، سُمي
الخلاء؛ لأن الإنسان يخلو فيه؛ لأن الإنسان يخلو فيه عن الناس.
فإذا أراد المسلم أن يدخل محل قضاء الحاجة، فإنه قبل الدخول «يقول: «بِسْمِ اللهِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ»»، أو «الخبْث والخبائث»؛ «الخبْث» بإسكان الباء، أما «الخبُث» بضم الباء، فهو جمع خبيث: أي الشيطان، «الخبُث» أي: الشياطين، «والخَبَائِثِ» النساء الشياطين، ويتعوذ بالله من ذكران الشياطين وإناثهم؛ لأن الحشوش ومحل قضاء الحاجة هي محل الشياطين ومأوى الشياطين،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (262).