ولا
معنى
*****
أما بالنسبة لله جل
وعلا فهو قادر على كل شيء؛ فلا تَدَخُّل في كيفية نزوله. ومِثل: يُرى يوم
القِيَامة، كيف يُرى؟ نقول: لا نبحث في هذا، نُثبت أنه يُرى بالأبصار عيانًا كما
يُرى القمر ليلة البدر، وكما تُرى الشمس صحوًا ليس دونها سحاب، نؤمن بهذا ولا نبحث
في كيفية الرؤية؛ لأن هذا لا يعلمه إلاَّ الله سبحانه وتعالى. يجيء، وجاء ربك، كيف
يجيء؟ نقول: لا نبحث عن الكيفية كيف يجيء، لكن نثبت أنه يجيء سبحانه وتعالى كما
يليق بجلاله، فنحن نؤمن بالصِّفَات ونعرف معناها، ولكن لا نبحث في كيفيتها، ولهذا
قال: «ولا كيف».
«ولا معنى» المراد بهذه اللفظة، أي: المعنى الذي يفسره به المبتدِعة، وهو التأويل، ليس المراد نفي المعنى الحقيقي، فإن معناها معروف - كما يقول الإمام مالك: «الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإِيمَان به واجب، والسؤال عنه - أي: عن الكيفية - بدعة» ([1]) - فمعنى قوله: «ولا معنى» أي: المعنى الذي يريده أهل الضلال، وهو التأويل، مثل: تأويل اليد بالقدرة، والمجيء بمجيء أمره، والنزول بنزول أمره، وما أشبه ذلك. هذه معانٍ جاءوا بها هم، ونحن ننفيها، وليست هي المعاني التي أرادها الله سبحانه وتعالى، فهو لا يريد نفي المعنى الذي هو معنى الكلام في اللغة العربية، وإنما يريد نفي المعنى المحدَث؛ لأنه يردّ على المبتدِعة فهو يردّ المعنى الذي قصدوه وأحدثوه. فلا يتعلق بهذه العبارة من يريد التلبيس، ويقول: إن الإمام أحمد مُفوض
([1]) أخرجه: اللالَكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (1/ 214).