وقال
النَّبي صلى الله عليه وسلم لحصين: «كَمْ إِلَهًا تَعْبُدُ؟» قَالَ: سَبْعَةً،
سِتَّةً فِي الأَْرْضِ، وَوَاحِدًا فِي السَّمَاءِ، قَالَ: «ومن لِرَهْبَتِكَ
وَرَغْبَتِكَ؟» قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ، قَالَ «فَاتْرُكْ السِّتَّة
وَاعْبُدْ الَّذِي فِي السَّمَاءِ وَأَنَا أُعَلِّمْكَ دَعْوَتَيْنِ)) فأسلم وعلمه
النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: «قُلِ اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي، وَقِنِي
شَرَّ نَفْسِي» ([1]).
*****
الحديث يطعُن في
أعينهم، وهو أشد حديث عليهم، ومنهم من يقول: «أين» معناها «من»، فمعنى قول: أين
الله؟ أي: من الله! سبحان الله هل ورد في لغة العرب أو في لغة العجم أن أين بمعنى
من؟! لكن هَؤُلاءِ كذبة لا يتحاشَون الكذب! فالحديث صريح مثل الآية، فدل على أن
الذي يجحد أن الله في السَّمَاء ليس بمؤمن، وأن الذي يجحد علو الله ليس بمؤمن،
نسأل الله العافية.
هذا الحديث من أدله
العلو، وهو أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال لحصين والد عمران - رضي الله تعالى
عنهما -: «كَمْ إِلَهًا تَعْبُدُ؟» ويريد النَّبي صلى الله عليه وسلم أن
يقرر له التَّوحِيد ويُبطل الشرك، وذلك بالبرهان الذي يعترف به الخَصم، قال:
أَعْبُدُ سَبْعَةً، - يعني: سبعةً آلهة - سِتَّةً فِي الأَْرْضِ، وَوَاحِدًا فِي
السَّمَاءِ، والواحد الذي في السَّمَاء هو الله سبحانه وتعالى، قال: «فَمَا الَّذِي
تَعُدُّه لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ؟» قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ.
فهذا يبين ما كان عليه المشركون من تخبط في العبادة، وأنهم لما تركوا التَّوحِيد صاروا يعبدون آلهة كثيرة، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ ٣٩ مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦٓ
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (3483)، والبزار رقم (3580)، والطبراني في «الكبير» رقم (396).