وقال
سبحانه: ﴿يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّي ٱصۡطَفَيۡتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَٰلَٰتِي
وَبِكَلَٰمِي﴾ [الأعراف:
144]، وقال سبحانه: ﴿مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُۖ﴾ [البقرة: 253].،
وقال سبحانه: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا﴾ [الشورى: 51].
*****
هذا نداء من الله جل
وعلا ينادي مُوسَى عليه السلام: ﴿إِنِّي ٱصۡطَفَيۡتُكَ﴾، أي: اخترتك ﴿عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَٰلَٰتِي وَبِكَلَٰمِي﴾ [الأعراف: 144] الشاهد في قوله: ﴿وَبِكَلَٰمِي﴾ أي: تكليمي لك من
غير واسطة وندائي لك.
﴿تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۘ مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُۖ﴾ [البقرة: 253] وهو مُوسَى عليه
السلام كلمه الله مباشرة من غير واسطة.
وقال سبحانه: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا﴾ [الشورى: 51] يعني: ليس أحد يكلمه الله من غير حجاب بينه وبينه، هذا في الدُّنيَا، فإن أحدًا لم ير الله جل وعلا في الدُّنيَا أبدًا؛ ولهذا لما سأل مُوسَى ربه أن يراه: ﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي وَلَٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِيۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكّٗا﴾ [الأعراف: 143] انهار الجبل وصار ترابًا من عظمة الله سبحانه وتعالى، ولم يستطع الصمود والثبات، فكيف البشر المكون من لحم ودم؟! كيف يستطيع أن يرى الله جل وعلا عيانًا في الدُّنيَا؟! ﴿وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقٗاۚ﴾ أغشي عليه من شدة الهول ﴿فَلَمَّآ أَفَاقَ﴾ يعني: ذهب عنه الغَشْي والرَّوع ﴿قَالَ سُبۡحَٰنَكَ تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الأعراف: 143] فهذا مُوسَى سأل ربه أن يراه في الدُّنيَا ولم يستطع.