×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

ولذلك لا تجد أحدًا من البشر يكلم الله قبل الآخِرَة من غير حجاب بحيث يرى الله سبحانه وتعالى عَيانًا، ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا [الشورى: 51] ﴿وَحۡيًا بأن يلهمه إلهامًا، كما ألهم أم مُوسَى أن تعمل مع ولدها ما عملت، وكما يحصل لنبينا مُحمَّد صلى الله عليه وسلم أحيانًا من وحي الإلهام، هذا بدون واسطة الملَك، إلهام يلهمه الله من يشاء من عباده ﴿أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ كما حصل لمُوسَى عليه الصلاة والسلام، فإن الله كلمه بدون واسطة لكن من وراء حجاب؛ لأن مُوسَى لم ير الله جل وعلا في الدُّنيَا كما ذكر الله ذلك في سورة الأعراف: ﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي [الأعراف: 143] فهو كلمه من وراء حجاب ﴿أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا من الملاَئكَة إلى ذلك البشر ﴿فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ وهذا بواسطة الملَك. فإذًا تكليم الله: إما أن يكون إلهامًا، وإما أن يكون تكليمًا من وراء حجاب، وإما أن يكون تكليمًا بواسطة الملَك، وأما أن يُكَلِمَ اللهُ جل وعلا أحدًا من خلقه في الدُّنيَا من غير حجاب ويرى ربه رؤية عَيان فهذا لم يحصل لأحد، وإنما هذا في الآخِرَة للمُؤْمنِين خاصة.

الشاهد من الآية: أن الله أثبت لنفسه الكلام، وأنه يكلم من يشاء من وراء حجاب أو بالوحي أو بواسطة الملَك.


الشرح