كلام
الله بحرف وصوت مسموع، وقال تعالى: ﴿فَلَمَّآ
أَتَىٰهَا نُودِيَ يَٰمُوسَىٰٓ ١١ إِنِّيٓ أَنَا۠ رَبُّكَ فَٱخۡلَعۡ نَعۡلَيۡكَ
إِنَّكَ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوٗى﴾ [طه: 11، 12].
*****
ذكر الله قصة مُوسَى
عليه الصلاة والسلام لما خرج هاربًا من فرعون وقومه لما قتل الرجل القبطي وتآمروا
على قتله، وجاءه النذير فخرج عليه الصلاة والسلام وتوجه تلقاء مَدْين، وبقي في
مَدْين عشر سنين يرعى الغنم على أن يتزوج ابنة الشَّيخ الكبير، تزوجها برعي الغنم
ثمان سنين أو عشر سنين، وكان هذا هو المهر، ﴿فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦٓ ءَانَسَ مِن
جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارٗاۖ قَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا﴾ [القصص: 29] لما أنهى المدة رجع بزوجته إلى مصر حيث أهله،
وكانت ليلة باردة شديدة البرودة، وضل الطريق فأبصر نارًا ففرح بها؛ لأنه كما يكون
حال المسافر التائه إذا رأى نارًا يفرح بها، خصوصًا إذا كان جائعًا ومحتاجًا،
فأجلس أهله ينتظرون وأتى إلى النَّار، فلما آتاها على أنها نار عادية، يريد أن
يطلب منهم خبرًا عن الطريق، أو يأتي منهم ﴿بِشِهَابٖ قَبَسٖ﴾[النمل: 7] يصطلي هو وزوجته من
البرد، هذا غرضه عليه الصلاة والسلام، لكن الله أراد غير ذلك ﴿فَلَمَّآ أَتَىٰهَا﴾أي: وصل إلى النَّار ﴿نُودِيَ يَٰمُوسَىٰٓ﴾ من الذي نادى؟ هو الله جل وعلا قال: ﴿إِنِّيٓ أَنَا۠ رَبُّكَ﴾ هذا نداءُ مخاطبة من
غير واسطة ﴿فَٱخۡلَعۡ
نَعۡلَيۡكَ إِنَّكَ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوٗى﴾ إلى آخر الآيات التي جاءت في هذا السياق. وفي الآية الأخرى: ﴿فَلَمَّآ أَتَىٰهَا
نُودِيَ مِن شَٰطِيِٕ ٱلۡوَادِ ٱلۡأَيۡمَنِ فِي ٱلۡبُقۡعَةِ ٱلۡمُبَٰرَكَةِ مِنَ
ٱلشَّجَرَةِ أَن يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّيٓ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٣٠ وَأَنۡ
أَلۡقِ عَصَاكَۚ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهۡتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنّٞ وَلَّىٰ مُدۡبِرٗا وَلَمۡ يُعَقِّبۡۚ يَٰمُوسَىٰٓ أَقۡبِلۡ