وناسخ
ومنسوخ
*****
فيه ناسخ ومنسوخ: في هذا رد على
الذين ينكرون النسخ -كاليهود ومن شابههم- فالقُرْآن فيه ناسخ ومنسوخ، وذلك لحكمة
الله جل وعلا، فإن الله يشرع شيئًا في وقت لمصالح العباد في ذلك الوقت، ثم تتغير
حالهم وتنتهي حاجتهم إلى ذلك فينسخ الله ما سبق بحكم جديد.
والنسخ عند الأصوليين: هو رفع حكم ثابت بدليل بحكم آخر بدليل متراخ عنه، يعني: متأخر عنه،
فالنَّاسخ والمنسوخ ثابت في القُرْآن، وذلك من رَحمَة اللهِ بعباده ولطفه بهم وإحسانه
إليهم أنه يشرع لهم في كل وقت ما يناسبهم، وذلك كما في قوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا وَصِيَّةٗ لِّأَزۡوَٰجِهِم مَّتَٰعًا إِلَى ٱلۡحَوۡلِ غَيۡرَ إِخۡرَاجٖۚ﴾ [البقرة: 240] كانت عدة الوفاة في الأول سنة كاملة، ثم نسخ الله ذلك بقوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ
أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ﴾ [البقرة: 234] فنسخ الحول بأربعة أشهر
وعشرة أيام، هذا ناسخ ومنسوخ في القُرْآن، قال الله تعالى: ﴿مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَايَةٍ أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَيۡرٖ مِّنۡهَآ أَوۡ مِثۡلِهَآۗ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ
أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: 106] ينسخ الله جل وعلا ما يشاء من كلامه وأحكامه وتشريعاته لمصالح العباد
وحاجة العباد إلى ذلك، فهو يشرع في كل وقت ما يناسبه، فإذا انتهت الحاجة إلى ذلك
التشريع أبدله الله بتشريع آخر يليق بحاجة النَّاس، والنسخ في القُرْآن واقع، كما
في القبلة: كانوا يصلون في أول الإِسْلاَم إلى بيت المقدس، ثم نُسخ ذلك إلى
استقبال الكعبة المشرفة، هذا من النسخ في القُرْآن العظيم، وهذا معنى قوله: «منه
ناسخ ومنسوخ» ولا ينكر النسخ في القُرْآن أو الأحكام الشرعية إلاَّ أهل الضلال .