وقال
عليه السلام: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يُقِيمُونَ
حُرُوفَهُ، إِقامَة السَّهْمُ، لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَتَعَجَّلُونَ
أَجْرَهُ، وَلاَ يَتَأَجَّلُونَهُ» ([1]).
*****
ذكر هذا الحديث بعد الحديث الذي فيه فضل من قرأ القُرْآن فأعربه وأقامه على الوجه اللغوي الصَّحِيح الذي نزل به؛ فله عشر حسنات بكل حرف، لكن في هذا الحديث يبيِّن أنه ليس المقصود مجرد التلاوة، وإنما المقصود التلاوة لأجل العمل بالقُرْآن، فالتلاوة وسيلة، والغاية هي العمل بالقُرْآن الكريم، فلا تحسبن هذا الأجر للتالي على مجرد التلاوة فقط وإن لم يعمل بالقُرْآن، بل هذا الأجر لمن يتلو القُرْآن ويعمل به، ولهذا يقول جل وعلا: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ ٢٩ لِيُوَفِّيَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ غَفُورٞ شَكُورٞ﴾ [فاطر: 29، 30] لم يقتصر على قوله: ﴿يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ﴾ [فاطر: 29] بل قال: ﴿وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ﴾ [فاطر: 29]؛ لا بُدَّ مع القراءة من العمل بالقُرْآن الكريم، أما مجرد التلاوة للرياء أو للسمعة أو للمدح فهذا لا ينفع صاحبه شيئًا، أو قراءة القُرْآن للتأكل به كما يفعل بعض المنتفعين من تأجير أنفسهم للتلاوة في المآتم والحفلات، ولا لهم حرفة إلاَّ حرفة التلاوة، وهم من أبعد النَّاس عن العمل بالقُرْآن، بل بعضهم قد لا يصلي، فهو حسن التلاوة وحسن الصوت ولكنه لا يعمل بالقُرْآن ولا يصلي، وإنما اتخذ تلاوة القُرْآن
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (831)، وأحمد رقم (22865)، وأبو عبيد في «فضائل القرآن» رقم (69).