حرفة يتأكل بها، هذا
عليه الوعد الشديد بأنه من الذين «لاَ يَتَجَاوَزُ الْقُرْآنَ تَرَاقِيَهُمْ»
يعني: لا يصل إلى قلوبهم، فهم يتلونه بألسنتهم لغرض من الأغراض، والعِيَاذ
باللهِ.فبعض النَّاس يتلو القُرْآن ويتقن التلاوة جدًّا ويقيمه إقامة السهم، ولكن
لا يفهم المعنى، ولا يتفقه في كتاب الله، ولا يهتم بالتفسير حتَّى يعمل به، وإنما
يؤدي اللفظ فقط وهو لا يعرف المعاني، أو يستدل بالقُرْآن على غير وجهه الصَّحِيح -
كما تفعل الخوارج - فالخوارج من أكثر النَّاس تلاوة للقرآن، ولكنهم يمرقون من
الدين كما يمرق السهم من الرمية؛ لأنهم لا يتفقهون في القُرْآن، ولا يتعلمون معاني
القُرْآن على الوجه المطلوب، فالقُرْآن لا يتجاوز حناجرهم؛ لأنهم لا يفقهونه ولا
يعلمونه.
فلا بُدَّ من أمور:
أولاً: التلاوة والعناية
بها.
ثانيًا: معرفة المعاني
والتفسير ومراد الله جل وعلا بكلامه.
ثالثًا: وهو الغاية: العمل بالقُرْآن، أما التلاوة وفهم المعنى فهذه وسائل، لكن الغاية والمطلوب هو العمل بالقُرْآن الكريم على ما أراده الله سبحانه وتعالى واعتقاد ما فيه. وهناك من يتلو القُرْآن ويحسن القراءة لكن يعتقد خلاف ما يدل عليه القُرْآن، مثل الجَهمِيَّة والمعتزِلة والأشاعرة، يقولون: القُرْآن ظواهر لفظية ونحن لا نبني عقيدتنا إلاَّ على القواعد اليقينية المنطقية، فهَؤُلاءِ ليسوا من أهل القُرْآن وإن كانوا يتقنونه؛ لأنهم لا يبنون عقيدتهم عليه وإنما يبنونها على علم الكلام، فأين هَؤُلاءِ من القُرْآن؟!.