بأبصارهم هم رؤية حقيقية ليس
بينهم وبينه حجاب إكرامًا لهم حيث عبدوه في الدُّنيَا وهم لم يروه، وإنما عبدوه
إِيمَانا به سبحانه وتعالى، واستدلالاً بآياته الكونية والقُرْآنية، عبدوه
بالإِيمَان والتصديق، فالله جل وعلا يوم القِيَامة يجازيهم على ذلك بأن يتجلى لهم
فيرونه عيانًا، فالذين عبدوه في الدُّنيَا ولم يروه بل اعتمدوا في ذلك على
الإِيمَان والتصديق بخبر الله وخبر رسوله والنظر في آياته أكرمهم الله يوم
القِيَامة بأن تجلى لهم.
وأما الذين كفروا بالله عز
وجل فإن الله يحجبهم عن رؤيته يوم القِيَامة، كما قال تعالى: ﴿كَلَّآ إِنَّهُمۡ عَن
رَّبِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّمَحۡجُوبُونَ﴾ [المطففين: 15] لأنهم كفروا به في
الدُّنيَا ولم يصدقوا بإلهيته وأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى فحجبهم الله يوم
القِيَامة عقوبة لهم، ودل ذلك على أن المُؤْمنِين يرونه سبحانه وتعالى.
وقال تعالى: ﴿لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ
وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞوَلَا ذِلَّةٌۚ﴾ ﴿لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ﴾ يعني: العمل في الدُّنيَا ﴿ٱلۡحُسۡنَىٰ﴾ وهي: الجنة ﴿وَزِيَادَةٞۖ﴾ [يونس: 26] وهي: النظر إلى وجه
الله، كما فسرها بذلك النَّبي صلى الله عليه وسلم كما في «صحيح مسلم» أن الزيادة
هي النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى ([1]) وقال تعالى: ﴿لَهُم مَّا يَشَآءُونَ
فِيهَا وَلَدَيۡنَا مَزِيدٞ﴾ [ق: 35] والمزيد هو النظر إلى وجه الله، وقال تعالى: ﴿وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ
نَّاضِرَةٌ ٢٢ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٞ﴾ [القيامة: 22، 23].
هذه أدلة القُرْآن على رؤية الله سبحانه وتعالى، والسنة فيها أحاديث كثيرة متواترة، كما ذكر ذلك الإمام ابن القيم في كتابه «حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح» فالرؤية ثابتة في القُرْآن ومتواترة في السنة، وإثباتها مذهب
([1]) انظر: مسلم رقم (181).