×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

فهذا تشبيه للرؤية بالرؤية، رؤية الله جل وعلا برؤية الشمس والقمر، وليس تشبيهًا للمرئي بالمرئي، لا يشبه الله القمرَ ولا يشبه الشمسَ ولا يشبه شيئًا من خلقه سبحانه وتعالى. استدل نفاة الرؤية بقوله تعالى: ﴿لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ [الأنعام: 103] قالوا: هذا دليل على نفي الرؤية! نقول: هذا كلام باطل؛ لأن الآية ليس فيها نفي الرؤية، وإنما فيها نفي الإدراك، وليس كل ما يُرى يُدرك، تراه لكن لا تدركه، يعني: لا تحيط به، وإنما تراه مجرد رؤية، ولا يلزم من هذا أنك أحطت به، الشمس مثلاً - ولله المثل الأعلى - تراها لكن هل تحيط بها؟ لا تحيط بها وهي مخلوقة، فكيف بالخالق سبحانه وتعالى ؟! فالآية ليس فيها نفي الرؤية، وإنما فيها نفي الإدراك، بل إن قوله: ﴿لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ [الأنعام: 103] يدل على أن الأبصار تراه لكنها لا تدركه، يعني: لا تحيط به سبحانه وتعالى. واستدلوا بقوله تعالى لمُوسَى: ﴿لَن تَرَىٰنِي: ﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي [الأعراف: 143] قالوا: هذا دليل على نفي الرؤية، نقول لهم: هذا دليل على نفيها في الدُّنيَا؛ لأن مُوسَى عليه السلام سأل ربه أن يراه في الدُّنيَا، والله لا يُرى في الدُّنيَا، ولا يستطيع أحد أن يراه في الدُّنيَا ﴿قَالَ لَن تَرَىٰنِي [الأعراف: 143] والنفي إذا جاء بلن فإنه ليس نفيًا مؤبدًا، وإنما هو نفي مؤقت، بدليل قوله تعالى في اليهود: ﴿قُلۡ إِن كَانَتۡ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةٗ مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٩٤ وَلَن يَتَمَنَّوۡهُ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ [البقرة: 94، 95] نفى عن اليهود أن يتمنَّوُا الموت في الدُّنيَا، لكن في الآخِرَة يتمنَّونه، حين


الشرح