ويزورونه،
*****
يقولون: ﴿وَنَادَوۡاْ يَٰمَٰلِكُ
لِيَقۡضِ عَلَيۡنَا رَبُّكَۖ﴾ [الزخرف: 77] يعني: يطلبون الموت ليستريحوا من النَّار، فهم في
الآخِرَة يتمنَّون الموت مع أنه قال عنهم في الدُّنيَا: ﴿وَلَن يَتَمَنَّوۡهُ أَبَدَۢا﴾ [البقرة: 95] فدل على أن النفي
بلن ليس للتأبيد، ما قال: لا تراني، والذي في الآية: ﴿لَن تَرَىٰنِي﴾ وهذا في الدُّنيَا، فلا أحد يرى الله في الدُّنيَا لضعف
أجسام النَّاس ومداركهم عن رؤية الله، أما في الآخِرَة فإن الله يعطي المُؤْمنِين
قوة يستطيعون بها أن يروا الله سبحانه وتعالى، وأمور الآخِرَة تختلف عن أمور
الدُّنيَا.
لكن هنا نقطة، وهي
أن بعض الشراح - سامحهم الله - يقول: رؤية الله في الدُّنيَا مستحيلة، وهذا غلط،
رؤية الله في الدُّنيَا ليست مستحيلة، بل هي ممكنة في الدُّنيَا ولكن النَّاس لا
يستطيعونها، ولهذا سأل مُوسَى عليه السلام ربه الرؤية، ولو كانت رؤيته في
الدُّنيَا غير ممكنة ما كان يليق بمُوسَى أن يسأل شيئًا مستحيلاً، فليست رؤية الله
في الدُّنيَا مستحيلة، ولكن هي غير ممكنة لضعف مدارك النَّاس في هذه الحياة، وإلا
فهي في حد ذاتها ليست مستحيلة؛ لأن مُوسَى سأل ربه الرؤية، ومُوسَى لا يسأل
المستحيل ولا يسأل المحرم.
يزورونه، كما جاء في حديث أبي هريرة في أنهم يزورونه جل وعلا يوم الجمعة، أو مقدار يوم الجمعة من أيام الدُّنيَا، فيتجلى لهم سبحانه وتعالى في هذا اليوم، ولهذا يسمى هذا اليوم بيوم المزيد، كما في حديث أبي هريرة ([1]).
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2549)، وابن ماجه رقم (4336).