×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «آمَنْتُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ» .

****

قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِْيمَانِ، قَالَ: «الإِْيمَان أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، والْقَدَر كُلِّه خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»، قَالَ: صَدَقْتَ. سأله أولاً عن الإِسْلاَم، وهو الأَعمَال الظاهرة، ثم سأله عن الإِيمَان وهو الأَعمَال الباطنة، ولا بُدَّ من الأمرين: لا بُدَّ من الإِسْلاَم والإِيمَان، فالدين أَعمَال ظاهرة وأَعمَال باطنة لا بُدَّ منهما، لا يكفي إِسْلاَم بدون إِيمَان، ولا يكفي إِيمَان بدون إِسْلاَم، بل لا بُدَّ منهما معًا.

الشاهد من الحديث: قوله: «وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» فجعل الإِيمَان بالقدر من أركان الإِيمَان الستة. فدل على أن من لم يؤمن بالقدر لم يصح إِيمَانه؛ لأنه نقص رُكنًا من أركان الإِيمَان، هذا هو الشاهد من الحديث.

هذا الحديث ذكره المصنف ونسبه للنبي صلى الله عليه وسلم: «آمَنْتُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ» ([1]) المعنى صحيح، أن الإِيمَان بالقدر أمر لا بُدَّ منه خيره وشره، الخير كل الأمور المحبوبة والمرغوبة والمفيدة. والشر كل الأمور الضارة والأمور المكروهة. الطاعات خير والمعاصي شر، وكلها بقَضَاء الله وقدره وحلوه ومره. القدر فيه حلو، وهو: ما يلائم النفوس من الملذات والمسرات، وفيه مر، وهو: ما لا يلائم النفوس من المصائب والآلام والهموم والأحزان، هذا مرٌّ ولكنه قَضَاء وقدر لا بُدَّ منه، لا بُدَّ من الإِيمَان به، أما الذي لا يؤمن إلاَّ بحلو القَضَاء، فهذا يتبع هواه ويتبع شهوته، لكن الذي يؤمن بحلوه ومره


الشرح

([1])  أورد الحديث الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (8/ 287).