×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

وروي ابن عمر [عن أبيه] رضي الله عنهما أن جبْرِيل عليه السلام قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا الإِْيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، خَيْرِهِ وَشَرِّهِ». فَقَالَ جبْرِيل: صَدَقْتَ. انفرد مسلم بإخراجه ([1]).

****

 لما ذكر الأدلة من القُرْآن على القَضَاء والقَدَر ذكر الأدلة من السنة، فذكر حديث جبْرِيل، وهو حديث ابن عمر عن أبيه عمر رضي الله عنهما، لما جاء جبْرِيل إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم في صورة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد من الحاضرين. هذا الرجل فيه غَرابة عظيمة ليس هو من أهل البلد؛ لأنهم لا يَعرفونه، ولا من أهل السفر؛ لأنه ليست عليه علامات السفر حتَّى يقولوا: هذا غريب، ولذلك استغرب الصحابة، وجلس إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم.

وكان جبْرِيل في الغالب يأتي النَّبي صلى الله عليه وسلم بصورة رجل؛ لأن الملاَئكَة لا تأتي إلى بني آدم بالصورة الملكية؛ لأنهم لا يُطيقون رؤيتهم، وإنما تأتي بصورة رجال، حيث أعطاهم الله القدرة على التصور بصور الرجال، فجاءه على صورة رجل جلس بين يديه، سأله عن الإِسْلاَم؟ فقال: «الإِْسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» قَالَ: صَدَقْتَ.

هذه عجيبة ثانية، كيف يسأل ويقول: صدقت؟! العادة أن السائل جاهل، وهذا يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: صدقت، فدل على أنه عالم بذلك،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (50)، ومسلم رقم (8).