×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

والله جل وعلا حكيم، يضع الأمور في مواضعها فيضع الهداية في من يستحقها ويقبلها ويرتاح لها، ويجعل الضلال فيمن لا يقبل الحق ولا يرتاح له. وهذا ظاهرٌ في النَّاس، من النَّاس من ينقبض إذا سَمِعَ الحقّ، وَسَمِعَ القُرْآن، وَسَمِعَ الذكرَ، وَسَمِعَ المواعِظَ، ينقبض ويضيق صدره. ومن النَّاس من يَرْغَبُ في الخير ويَرْغَبُ في سماع الخير، فدل على أن للهداية والضلال أسبابًا من قِبَلِ العبد، فالذي يُقبِلُ على الحقّ وَيَرْغَبُ فيه يوفقه الله جل وعلا للحق، والذي يَبْغَضُ الحق وأهل الحق، يحرمه الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله حكيم لا يضع الهداية فيمن ليس أهلاً لها، ولا يضع الضلال فيمن ليس أهلاً له، بل هو يضع الأمور في مواضعها سبحانه وتعالى، وذلك حسب إرادته الكونية. ﴿كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِۚ [الأنعام: 125] يستحيل عليه الإِيمَان كما يستحيل عليه الصعود إلى السَّمَاء؛ لأن الإِنسَان لا يستطيع أن يصعد إلى السَّمَاء بنفسه، وإنما يطير بواسطة الآلات، أما هو بنفسه فمستحيل أن يطير إلى السَّمَاء؛ لأن الله لم يخلقه طائرًا، وإنما خلقه دابة تدب على وجه الأَرض، فيستحيل عليه الإِيمَان وقَبُولُ الْحَقِّ، كما يستحيل عليه الطيران إلى الجو. ﴿كَذَٰلِكَ يَجۡعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجۡسَ [الأنعام: 125] انظر بيان الحكمة ﴿عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ [الأنعام: 125] هذا بسبب عدم إِيمَانهم.


الشرح