خلق
الخلائق وأفعالهم وقدر أرزاقهم وآجالهم، يهدي من يشاء برحمته، وَيُضِلُّ مَن يشاء
بحكمته،
****
قال تعالى: ﴿وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا
تَعۡمَلُونَ﴾ [الصافات: 96] ﴿ٱللَّهُ
خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّٰرُ﴾ [الرعد: 16].
قدر أرزاقهم
وآجالهم، ومرضهم وشفاءهم، وموتهم وحياتهم، وهذا ليس لهم فيه تصرف، إنما هذا يجري
عليهم من غير إرادتهم ولو كانوا يكرهون هذا الشَّيء ولا يريدونه، يُجري عليهم
المرض والموت، ويُجري عليهم المكارِه والمسرّات، هذه تجري عليهم بقَضَاء الله
وقدره.
يهدي من يشاء، ويضل من يشاء؛ لحكمة. فهو لا يهدي إلاَّ من يستحق الهداية، ويعلم من يصلح للهداية، وهو أعلم بالمهتدين. ويضل من يشاء بحكمته سبحانه تعالى وعدله، وهو أعلم بمن لا يصلح للهداية: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [القصص: 56]. حَرَصَ النَّبي صلى الله عليه وسلم على هداية عمه أبي طالب، ولمّا مات قال: «لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» ([1]). فنهاه الله عن الاستغفار: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ لِلۡمُشۡرِكِينَ وَلَوۡ كَانُوٓاْ أُوْلِي قُرۡبَىٰ﴾ [التوبة: 113]. وأنزل في أبي طالب: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [القصص: 56]. فهو أعلم سبحانه بمن يستحق الهداية، ويَصْلُحُ لها؛ فيوقفه لها. ويعلم من لا يستحق الهداية، فيحرمه منها؛ عقوبةً له. فالهداية بيد الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَأٓمَنَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ كُلُّهُمۡ جَمِيعًاۚ أَفَأَنتَ تُكۡرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3884)، ومسلم رقم (24).