وتتعرض الحبوب
والثمار بالإصابة - وكذلك ما يحدث في البحار - من الحوادث التي تذهب فيها الأموال
الطائلة - إن كل هذه المصائب الأَرضية والمصائب البدنية كلها بقَضَاء الله وقدره،
لا يحدث منها شيء إلاَّ وقد قضاه الله وقدره على عباده؛ لحكمة منه سبحانه وتعالى؛
وهي بسبب أفعال العباد المخالفة لشرع الله وطاعته، كما قال تعالى: ﴿ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي
ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ
ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ [الروم: 41].
ثم أخبر سبحانه
وتعالى أن هذه المصائب مكتوبة في كتاب، وهو اللوح المحفوظ؛ فهذا فيه دليل على درجة
الكتابة، كتابة المقادير في اللوح المحفوظ ﴿مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ﴾ [الحديد: 22]، أنها مكتوبة قبل
أن تنزل وقبل أن تحدث، مكتوبة في اللوح المحفوظ، ليست اعتباطًا وإنما هي شيء ثابت
مقدر علمه الله، وكتبه في اللوح المحفوظ، فدلت هذه الآية على إثبات مرتبتين من
مراتب القَضَاء والقَدَر:
المرتبة الأولى: مرتبة الكتابة في
اللوح المحفوظ.
والمرتبة الثانية: مرتبة الخلق والإيجاد، ودلت الآية على أن كل شيء يحدث فإنه من خلق الله سبحانه وتعالى، الله خالق كل شيء من الخير والشر، والمحبوبات والمكاره، لا يحدث شيء إلاَّ والله خالقه ومدبره وموجده سبحانه وتعالى.