إليهم ويبين لهم ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولٗا﴾ [الإسراء: 15] هذه حجة الله على خلقه سبحانه وتعالى: ﴿فَلَنَسَۡٔلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرۡسِلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَنَسَۡٔلَنَّ ٱلۡمُرۡسَلِينَ﴾ [الأعراف: 6] ﴿يَوۡمَ يَجۡمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبۡتُمۡۖ قَالُواْ لَا عِلۡمَ لَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ﴾ [المائدة: 109] فالله أرسل الرُّسل؛ لقطع الحجة عن العباد، لئلا يحتجوا يوم القِيَامة بأنهم ما جاءهم من يبين لهم. فلو كان الاحتجاج بالقَضَاء والقَدَر صحيحًا لَتعارض مع قوله: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ﴾ [النساء: 165]؛ فدلّ علي أنه لا حجة للنَّاس على الله لا في القَضَاء والقَدَر ولا في غيره، ما دام الله قد بيَّن لهم ووضَّح لهم وأمرهم ونهاهم، فلا حجة لهم في القَضَاء والقَدَر، وإنما يقع اللوم عليهم؛ لأنهم هم الذين فرّطوا، فهم إنما يؤاخذون على أفعالهم وتصرفاتهم، وأما القَضَاء والقَدَر فهو من شأن الله سبحانه وتعالى، والإِنسَان يرى من نفسه القدرة والإمكانية، ويرى أنه قادر على أن يفعل أو لا يفعل، ويعرف الخير ويعرف الشر، ويعرف الضارّ ويعرف النافع، فهو الذي يُقدم على هذه الأمور باختياره مع علمه بها، فحينئذ انقطعت حجته على الله سبحانه وتعالى.