والبعث
بعد الموت حق
****
فيستحب للمُسْلمِين إذا
فَرَغُوا من دفن الميت أن يقفوا على قَبْره، ولا يستعجلوا في الانصراف، ويسألوا له
التثبيت، ويستغفروا له؛ فإن الله ينفعه بذلك، لأن دعوة المُسْلمِين مستجابة.
فعذَاب القَبْر حقّ،
ولا ينكره إلاَّ مُلحد، قد أنكرته المعتزلة بِناءً على عقولهم الفاسدة؛ لأنهم يقدمون
العقل على النقل. فلما كانت عقولهم لا تدرك عذَاب القَبْر نَفَوْهُ، وكذّبوا
بالأحاديث، نسأل الله العافية. وأمور الغيب وأمور الآخِرَة لا دخل للعقول فيها، لا
تدركها العقول، وإنما تُبنى على الأخبار الصادقة، فنؤمن بها بِناءً على الأخبار
الصادقة، ولا نقول بشيء إلاَّ ما دل عليه الدليل من أمور الآخِرَة وأمور القَبْر،
لا أحد يتكلم ويثبت شيئًا إلاَّ بدليل صحيح من الكتاب والسنة؛ لأنه من أمور الغيب
التي لا يعلمها إلاَّ الله سبحانه وتعالى. هذا من الإِيمَان باليوم الآخر؛ لأن
القَبْر أول منازل الآخِرَة.
كذلك مما يجب الإِيمَان
به وهو من الإِيمَان باليوم الآخر: الإِيمَان بالبعث، والبعث: هو إعادة الأَموَات
أحياء، ينبعثون من قبورهم أحياءً بعدما كانوا ترابًا وعظامًا ورميمًا، فإنّ الله
يعيدهم سبحانه وتعالى كما كانوا بقدرته سبحانه؛ ليجزيهم بأَعمَالهم التي عملوها،
فالدُّنيَا دار عمل والآخِرَة دار جزاء.
فلا بُدَّ من البَعث للجزاء والحساب، ولا ينتهي الأمر عند الدُّنيَا، بل هناك دار أخرى، هي دار الجزاء؛ فلو لم يكن هناك بعث للجزاء للزم على ذلك العبث في أفعال الله سبحانه وتعالى وكانت أفعالاً بلا نتيجة.