قال تعالى: ﴿أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا
خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ ١١٥ فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ
ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِيمِ﴾ [المؤمنون: 115-
116] فهو تعالى مُنزَّهٌ عن العبث، وأن يخلق خلقًا عبثًا، بل خلقهم لحكمة
وغاية، وهي البعث والنشور، والجزاء على الأَعمَال إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشرٌّ،
وذلك أنّ الله يعيد أجسادهم، ويجمعها من التراب والعظام، وتُبنى أجسامهم كما كانت.
ثم بعد ذلك يأمر إسرافيل
بالنفخ في الصور، فينفخ في الصور -والصور هو القرن الذي فيه الأرواح - فتطير كل روح
إلى جسدها، فيحيا هذا الجسد ويتحرك، ثم يخرجون من قبورهم ويمشون إلى المحشر.
يخرجون من الأجداث: يعني من القبور، فيذهبون إلى المحشر كأنهم جراد منتشر، مهطعين
إلى الداعي، يدعوهم إلى الحشر، فيذهبون لا يتخلّف أحد: ﴿يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا كَأَنَّهُمۡ إِلَىٰ
نُصُبٖ يُوفِضُونَ ٤٣ خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ
تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۚ ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ﴾ [المعارج: 43- 44] ﴿وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ
فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يَنسِلُونَ ٥١ قَالُواْ
يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ
وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ ٥٢ إِن كَانَتۡ إِلَّا
صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَإِذَا هُمۡ جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ﴾ [يس: 51- 53]، هذه قدرة الله
سبحانه وتعالى.
وقد أنكر المشركون البعث: ﴿وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا﴾ [الإسراء: 49] ﴿أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبًا أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍۗ﴾ [الرعد: 5] كيف يعود التراب وتدب فيه الحياة؟ وكيف تعود هذه العظام التي فَنِيَتْ؟