أما من ارتكب ناقضًا
من نواقض الإِسْلاَم كالشرك بالله والسحر والاستهزاء بالدين، أو تنقَّص الكتاب
والسنة، فهذا لا شك في كفره. ومن ارتكب ناقضًا من نواقض الإِسْلاَم حكمنا عليه
بالردة والخروج من دين الإِسْلاَم، ونكفِّره بذلك؛ لأنه ارتكب ناقضًا من نواقض
الإِسْلاَم يقتضي ردته وكفره.
أما من كان ذنبه دون
الردة كشرب الخمر وأكل الربا والزنا وشرب المسكر والسرقة، فهذه كبائر وموبقات
خطيرة جدًّا، لكن لا نحكم على مرتكبها بالكفر، بل نقول: هو مؤمن بإِيمَانه فاسق
بكبيرته، أو نقول: هو مؤمن ناقص الإِيمَان. هذا معتقد أهل السنة والجماعة في أصحاب
الكبائر، لا نُكفرهم بالكبائر التي لم تبلغ حد الشرك والردة، ولكن نحكم بفسقهم
ونقصان إِيمَانهم خلافًا للخوارج والمعتزِلة الذين يُكفرون أصحاب الكبائر التي هي
دون الشرك، ويحكمون على شارب الخمر بأنه كافر، وعلى الزاني بأنه كافر، وآكل الربا
بأنه كافر، وهذا ضلال - والعِيَاذ باللهِ - هذا ضلال مبين.
والمعتزِلة يقولون: إنه يخرج من الإِسْلاَم ولا يدخل في الكفر! بل يكون في منزلة بين المنزلتين، لا هو بكافر ولا هو بمسلم، فإن مات على ذلك فهو كافر ويُخلد في النَّار كما تقوله الخوارج، وكلا المذهبين باطل، فالمؤمن يبقى معه أصل الإِيمَان ولو ارتكب كبيرة من كبائر الذُّنوُب، وهذه الكبيرة تُنقص إِيمَانه وتفسقه، لكن لا يقال: إنه كافر. هذا مذهب أهل السنة والجماعة من هذه المسألة العظيمة.