×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

 الأمر بسبب ما حصل من الذي زرعوه من الفتنة، وصاروا يثيرون الفتن حتَّى قامت الحروب بسبب هَؤُلاءِ المندسين، قتلوا عثمان ثم اندسوا في جيش علي، ثم أضرموا الحرب في وقعة الجمل وفي صفين وغيرها، هَؤُلاءِ المندسون لم يكونوا من الصحابة رضي الله عنهم إنما هم ناس مندسون من أهل الفتن الذين يوقدون العداوة ويصطنعون الخلاف حتَّى حصل ما حصل.

ومن دخل فيها من الصحابة فهو مجتهد يريد نصرة الحق، وكلهم مجتهدون: إما مصيبون وإما مخطئون، والخطأ مغفور، ولهم من الفضائل والمناقب ما يُكفِّر ويغطي ما صدر من بعضهم من الأخطاء، رضي الله تعالى عنهم، ولهم من السوابق في الإِسْلاَم ما لهم، فلا يجوز لنا أن نخوض في الحروب التي حصلت وفي الفتن التي حصلت إلاَّ على وجه الاعتذار لهم، أما على وجه التخطئة فهذا لا يجوز، أهل السنة لا يدخلون هذا المدخل، إنما يعتذرون عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدخلون في هذا الأمر إلاَّ مضطرين، وإلا فالأفضل الكف وعدم الدخول، لكن من اضطر للدخول ليرد على مبطل أو يجادل مارقًا فإنه يتوقى ويعتذر عن الصحابة ويعتقد فضائلهم، وأن ما حصل من بعضهم فإنه مغفور بفضائله وسوابقه وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

خذوا هذه القاعدة: ﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ [الحشر: 10]، خذ هذه الآية نصب عينيك ولا تحد عنها.


الشرح