وذكر
محاسنهم، والترحم عليهم، والاستغفار لهم، والكف عن ذكر مساوئهم وما شجر بينهم،
واعتقاد فضلهم، ومعرفة سابقتهم، قال الله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ
لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي
قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [الحشر: 10]، وقال
الله تعالى: ﴿مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى
ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ﴾ [الفتح: 29]
****
«وما شجر بينهم» يعني: ما حصل بينهم
من الاختلاف؛ لأن هذا الاختلاف بينهم عن اجتهاد يتحرَّون فيه الحق والصواب، فما
كان من صواب فلهم فيه أجران، وما فيه من خطأ فهو مغفور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
«إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا
حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» ([1])، وهم أولى بذلك.
«واعتقاد فضلهم
ومعرفة سابقتهم» لا يكفي أنك تتحدث عن فضلهم فقط أو تكتب عن فضلهم، بل لا بُدَّ أن تعتقد
هذا بقلبك، أما إن كتبت أو تكلمت مجرد كلام أو مجرد كتابة من غير اعتقاد لهذا
بقلبك فهذا لا يكفي.
هذا موقف
المُؤْمنِين من صحابة نبيهم أنهم يستغفرون لهم، ويعترفون لهم بالسبق في الإِسْلاَم
والإِيمَان، ويسألون الله أن يزيل الغِل - وهو: البغض - أو الكراهية لأحد من صحابة
رسول الله صلى الله عليه وسلم من قلوبهم.
هذه صفتهم، ﴿وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ﴾ يعني: الصحابة ﴿أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ﴾ [الفتح: 29]: أقوياء على الكفار، أقوياء لا تأخذهم في الله لومة
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7352)، ومسلم رقم (1716).