التحكيم في غير
رغبتهم خطئوا عليًّا وكفروه! وقالوا: أنت حكَّمت الرجال، والله جل وعلا يقول: ﴿إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا
لِلَّهِۖ﴾ [الأنعام: 57]، فخرجوا عليه، وشقُّوا عصا الطَّاعَة، وتجمعوا
والتف بعضهم إلى بعض، فقاتلهم علي رضي الله عنه في معركة النَّهْرَوان، فقتلهم شر
قِتلة، ونصره الله عليهم، وأراح المُسْلمِين من شرهم.
ولكن هذا المذهب
باقٍ، ومن مذهبهم تكفير أصحاب الكبائر من هذه الأمة، يقولون: إن مرتكب الكبيرة
كافر: الزاني، والسارق، وشارب الخمر، وغير ذلك من كبائر الذُّنوُب، من فعلها كفر
وخرج عن الملة، وهذا - والعِيَاذ باللهِ - خلاف الحق، خلاف الكتاب والسنة، ومذهب
أهل السنة أن مرتكب الكبيرة من المُسْلمِين يكون فاسقًا ناقص الإِيمَان، ولا يكون
كافرًا، هذا هو المذهب الحق، فهم جمعوا بين جريمتين:
الجريمة الأولي: الخروج على وُلاة
الأمور، واعتبار أن هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعينه، وليس هو
معروفًا.
والجريمة الثانية: تكفير العُصاة من هذه الأمة المحمدية، وبمُوجب ذلك حكموا على أنفسهم هم بالكفر والخلود في النَّار؛ لأنهم أيضًا لا يَسلمون من الكبائر، خروجهم على ولي الأمر أليس هو من الكبائر؟! أيضًا ألا يحصل منهم معاصٍ؟! ألا يحصل منهم مخالفات؟! فمعنى هذا أنهم حكموا على أنفسهم بالكفر والخلود في النَّار - والعِيَاذ باللهِ - هَؤُلاءِ هم الخوارج.