رسول الله صلى الله عليه وسلم - والإمام أحمد
يقول: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأى سفيان! والله تعالى يقول: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ
يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ
أَلِيمٌ﴾ [النور: 63] أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض
قوله أن يقع فيه شيء من الزَّيغ فيَهلك. هذه أقوال الأَئمَّة يقولون لنا: لا
تأخذوا من أقوالنا، إلاَّ ما وافق الدليل، وما خالف الدليل فاتركوه، ليست المسألة
مسألة مذاهب، المسألة مسألة اتباع الدليل، لكننا نستفيد من اجتهاد هَؤُلاءِ
الأَئمَّة؛ لأنها ثروة علمية نستفيد منها، وعلى ضوئها نستنبط، وعلى ضوئها نبحث،
فهي ثروة علمية وآلة بأيدينا، فيجب علينا طلب الدليل والأخذ بالدليل من أقوال
أئمتنا، ولا حرج على الحنبلي أن يأخذ بقول الشافعي أو العكس، والشافعي يأخذ بقول
الحنفي؛ لأنهم كلهم أئمة، وكلهم إخوة، فليست الحنفية فرقة، والحنابلة فرقة،
والشافعية فرقة، والمالكية فرقة، كفرق الخوارج والمعتزِلة والمُرجئة، هي فرقة
واحدة، كلهم فرقة واحدة على الحق، وقد يخطئ بعضهم في بعض المسائل الاجتهادية،
فيترك خطؤه ويأخذ ما أصاب فيه غيره، هذا هو الواجب.
فيجب معرفة هذا الكلام أيضًا؛ لأنه مهم جدًّا، وليس هو من الانتساب المذموم الذي نبه عليه فيما مضى، كالانتساب للجَهمية أو للخوارج أو للمعتزِلة أو للشيعة أو للمُرجئة.... إلى آخره، ليس هذا منه؛ لأن ذاك اختلاف في الأصول والعَقيدَة، وهذا اختلاف في الفقه ومسائل الاستنباط، وهذا خير ومجال واسع، والحمد لله.