فإن
الاختلاف في الفروع رحمة، والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم مثابون في اجتهادهم،
واختلافهم رحمة واسعة،
****
لأن الله وسع على
النَّاس، وأمرهم أن يجتهدوا في طلب الحق، ولم يضيق عليهم ويكلفهم بالأخذ بقول
واحد، بل أمرهم بالاجتهاد وبذل الوسع في معرفة الحكم الشرعي، والاختلاف في هذا
رحمة إذا لم يخالف دليلاً من الكتاب والسنة، فإن خالف فهو عذَاب وليس رحمة، وكذلك
الاختلاف في العَقيدَة عذَاب وليس رحمة.
«المختلفون فيه» يعني: في هذا
النوع، وهو الاختلاف الفقهي، المختلفون فيه محمودون لا مذمومون؛ لأنه مأذون لهم في
الاجتهاد، ولا يمكن للمجتهدين أن يكونوا على وتيرة واحدة، فالمدارك تختلف، والعلوم
تختلف، والأحوال تختلف، ومن أراد أن يطلع على ما يَشفي في هذا الموضوع فليطالع
رسالة شيخ الإِسْلاَم ابن تيمية رحمه الله «رفع الملام عن الأَئمَّة الأعلام»
ليطالعها، وسيعلم الكلام التفصيلي في هذا الموضوع، فنحن لا نجمّد على تقليد مذهب
معين، ولكننا لا نزهد بما فيه من الخير، وما فيه من الفقه، وما فيه من الأصول التي
نستفيد منها.
«اختلافهم رحمة» يعني: اختلافهم في الفقه والاستنباط رحمة واسعة، وسع الله على النَّاس، ولم يأمرهم ويضيق عليه بأن يأخذوا بقول واحد من المجتهدين يخطئ أو يصيب، لا، هذه رحمة من الله عز وجل.