والخلة لا تقبل الاشتراك، الخلة ما تتخد خليلين، وما يكون إلاَّ خليل واحد فقط، وما يتخذ خليلين أو ثلاثة أخلة أو أربعة، وما تقبل اشتراك، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الأَْرْضِ خَلِيلاً، لاَتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ خَلِيلاً، وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيلُ اللهِ»([1])، فلا يقبل الاشتراك، ولهذا لما ولد لإبراهيم الولد على الكبر، وأخذ شعبة من قلبه بالمحبة، ابتلاه الله بأن أمره بذبحه، فأراد أن ينفذ؛ لأنه أراد أن يمتحنه ويختبره، فأمره بذبحه، فلما أقدم على ذبحه، دل على خالص محبته لله عز وجل، وأنه قدم محبة الله على محبة الولد، فنجح في الامتحان صلى الله عليه وسلم، وصار خليل الله، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الأَْرْضِ خَلِيلاً، لاَتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ خَلِيلاً»، وما الذي منعه؟ «وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيلُ الله»، الذي منعه أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خليل الله؛ فلا يتخذ خليلاً آخر، وأما أن أبا هريرة أو غيره من الصحابة يقول: خليلي رسول الله. فلا مانع من ذلك، لكن الرسول ليس له خليل من الخلق، ليس له خليل إلاَّ الله سبحانه وتعالى، والرسول لا يتخذ خليلاً إلاَّ الله، وأما الصحابة المؤمنون، فيتخذون الرسول صلى الله عليه وسلم خليلاً لهم، بمعنى أنهم يحبونه أشد المحبة وأعلى المحبة، هذا معنى «سَمِعْتُ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ...»، هذه فائدة ثانية من فوائد الوضوء، أن المتوضئين يحلون يوم القيامة، وتكون حلاهم أو يكون حليهم بقدر مواضع الوضوء من أعضائهم، فدل هذا
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2383).